بين تداعيات الحياة الآنية، وما يكمن من حتف مقيت، فاق الوصف في تداعياته، ألا يحتاج العالم أن يشعر بالوفاء للإنسانية، وقيمها النبيلة؟ ألا يحتاج العالم أن يشعر بالحب إزاء ما يحدث من تجليات وخيمة، ويتخلى الإنسان عن فورة الجحيم، وطغيان الجبروت في إرثه التاريخي، وكفى بالأمراض والوباء عبرة؟ وفي زمن الصدمة ألا يعود الإنسان إلى الطبيعة، التي نهضت به منذ البدء، وهي ملاذه على مر العصور، وملجؤه الجميل النابع من العطاء اللامحدود، والتي أفاضت عليه بالنعم الكثيرة، وكانت له المحتوى الحميمي الذي يألف فيه الإنسان الوجود، كلما استشعر بالخوف وعدم الاطمئنان، فالطبيعة لها معناها الجميل رغم قسوة الإنسان، وأنها لعظيمة بما لها من دلالات، أفادت الإنسان بالمعرفة والاختراعات، وما وصل إليه من رخاء وتقدم، في مجالات العلوم والثقافة التي لا حصر لها.
فلولا الطبيعة لما عرف الإنسان الإلهام الفطري، ولما استلهم منها الحكمة والعلم حتى بلغت الحضارة الإنسانية مبلغها، ووجد ضالته فيها وكأنه لا يمس ولا يحجم عن شيء، إلا أن هذا التشريع الذي أحدث بعداً، أو شقاً بين الإنسان ونفسه، وبين الإنسان وحياته وبيئته، وخرج عن مدارات تكوينه وأساسياته، وقد ابتكر الإنسان ما يكفي من الحياة الحاضرة، وما يكفي من تدمير الطبيعة من حوله، ولم يستثن كثيراً من المبادئ الإنسانية الحق، أو جعل منها حالة ثانوية، وقد أقصى ما أقصى وساوى ما ساوى.
ألا يستقر الإنسان على مبادئ الحياة، وإدراك ما غيبه من سلوكيات هي فرض وأساسيات الحياة ومكمن التوازن النفسي والعاطفي، بمفهوم إدراك أهمية الوجود والتعايش بسلام بين البشرية، ونرى الحب حين يتوحد العالم أمام الأزمات وكم ينبذ الخلافات بعيداً، ويتوق نحو الاستقرار والعيش بسلام رحب.
بعض الكيانات من دول العالم تستفز العالم بتحضرها استفزازاً يتساوى مع دول التخلف مما يهلك الإنسانية وبعدها النبيل التواق نحو الاستقرار وكفى بالإنسان شتاتاً وضياعاً وتشرداً وهجرةً أو تهجيراً، أليس هذا أشد قسوة من أي وباء؟
الإنسانية والحب والحياة والحلم تطهر العالم من الجوع والذل والضياع والتشرد، وتمنح الإنسان حقه في الوجود والمعرفة.. وليخرج الإنسان من صمته وليرتقي إلى الوعي وقدرته على بناء العالم بإرادة الحب والعقل والروح، وقد ينير الإنسان العالم إذا ما أدرك أن حب العالم هو الحياة الحقيقية في معناها الحقيقي المتجذر، العالم أصبح مكون الإنسان الكبير، وليكن الحب للحياة.