في هذا الظرف الدقيق الذي نمر به مع كل شعوب ودول العالم، ومع الجهود الكبيرة التي تقوم بها الإمارات للتخفيف عن الناس وأصحاب الأعمال من تداعيات انتشار فيروس كورونا، يضرب فيروس من نوع آخر بعض النفوس، وهو فيروس الاستغلال الذي من أهم أعراضه فقدان مناعة صاحبه لأي شعور بالمسؤولية والانشغال فقط بجمع أكبر مبالغ من المال.
الدولة مشكورة قدمت كل التسهيلات وتبنت العديد من المبادرات التي من شأنها تخفيف الآثار السلبية المترتبة على تقنين حركة البشر والأسواق، وكل ذلك من أجل حماية البشر أنفسهم من وباء فتاك سريع الانتشار. ومع هذا يوجد بين ظهرانينا بعض التجار والموردين ممن يستغلون الظروف الراهنة ليبالغوا في رفع الأسعار. نتفهم أنه مع تراجع حركة الشحن الجوي وكذلك البري والبحري وارتفاع التكاليف والأسعار في بلدان المصدر، يمكن أن ترتفع الأسعار، ولكن ليس بالشكل المبالغ فيه من قبل حاملي فيروس الاستغلال.
«حماية المستهلك» يجب أن تكون لها كلمة مسموعة ودور فعال بدلا من الظهور الكرنفالي في وسائل الإعلام والبيانات التي لا يلمس أثرها المستهلك في الأسواق ويتابعها كما لو كانت في كوكب آخر.
ويبدو أن المصابين بفيروس الاستغلال جاءتهم هذه الفرصة لإجراء بروفتهم الكبرى قبل حلول شهر رمضان المبارك الذي اعتادوا أن يحولوه إلى مناسبة للمبالغة في الأسعار بصورة جنونية، مستفيدين من حالة الاستهلاك غير المسؤول التي تصيب شرائح واسعة من الأسر.
وفي مقابل هذه الفئة من التجار والموردين المصابين بفيروس الاستغلال، نحيي نماذج طيبة من تجار المواد الغذائية والخضار والفواكه وغيرها من السلع الأساسية الذين ومنذ اللحظة الأولى لإعلان التدابير والإجراءات لمواجهة تداعيات فيروس كورونا أعلنوا عن وقوفهم إلى جانب الدولة وفتحوا مخازنهم ووضعوا إمكانياتهم تحت تصرف الجهات المختصة لضمان توافر المواد الاستهلاكية في الأسواق ومنافذ البيع الخاصة بهم، وتوافرها بكميات كبيرة وبأسعار في متناول الناس. كما أعلن آخرون عن تقديم مبادرات في مجال تجارتهم لدعم جهود الدولة في هذا الظرف، تعبيراً عن تكاتف الجميع للخروج بسلام من الأوضاع الحالية المفروضة علينا وعلى غيرنا في مختلف دول العالم.
نتمنى أن تُتخذ إجراءات رادعة بحق المصابين بفيروس الاستغلال، وأن يتم حرمان أي تاجر أو مورد يثبت تلاعبه بالأسعار من التسهيلات والحوافز التي تقدمها الدولة.