ترقرق في الحوار تصبح نهراً، وتصير لغتك أشبه بالوشوشة، ويصير الآخر طريقك المعبد الذاهب إلى الوجود من دون عرقلة.
ترقرق في الحوار، تشف لغتك، وتنساب كأنها الأنثى الوالهة، وتصير أنت الكائن السحري يختال ضاحكاً كالربيع عند شغاف السنابل، وكندف الثلج على شفاه الشجر، تصير أنت مثل وردة تهفهف على أجنحة الفراشات، وتصير أنت كعيني غزالة ترمق الشمس ساعة الشروق.
ترقرق في الحوار، ينجلي عن كاهلك سغب التشنج وتعب التعرج، تكون أنت السهل ويكون الآخر الأفراس المروضة، تكون أنت الحلم الزاهي، ويكون الآخر النبض الذي يرصد المشهد، وكل ما يجول في معبد الذاكرة.
ترقرق في الحوار، يأتيك الآخر حاملاً بين ثنياته عقيق المرحلة، ونمارق ليلة مذهلة.
ترقرق، في الحوار، تمتلك زمام الخيول الفارعة، وتمضي في الحياة، وفي عينيك بريق الحنان، فلا باغض لك، ولا شنآن، إنك في قلب الجلال ولا جلجلة، إنك في صلب الكمال ولا قلقلة، إنك في وهج الجمال ولا كلكلة، ترقرق في الحوار، سيبدو لك المسار، جدولاً لا تعرقله الكلمات المبتذلة.
ترقرق في الحوار، فسوف تنتصر على ذاتك، وتكون مع الآخر متأزرين ثراء المرحلة، تكونان في الوجود نجمتين، يضيئهما مصباح حوار لا يخبو له وميض، ولا ينكسر له ضوء.
ترقرق في الحوار، فسوف تصنع لك في فناء القمر، قصراً من سجايا ومزايا ونوايا ترقرق وترقرق، فسوف يتدفق فيك الضوء، وسوف يتألق فيك النهار، وتكون أنت الشمس التي تسهب في أهداب المعنى الجميل، تكون أنت الطور والطيف، تكون أنت الحدق، والنسق تكون المعيار، والمسبار، وتكون في المحيط الموجة واللجة، تكون المهجة والبهجة، وتكون بقجة الأسرار في صلب الحوار، فلا راد لبوحك ولا جدال في وصلك، تكون أنت المسافة ما بين الحلم واليقظة، والنقطة الفاصلة ما بين الجملة والجملة، وتكون الكلمة التي تنفتح لها أسارير الحياة وتكون أنت الفعل والفاعل، واصل التواصل، والفاصلة والمفاصل.
ترقرق في الحوار، وسوف تجد كل القارات تفتح لك سهولها وهضابها، وسوف تجري الأنهار بين أصابعك، وتزهر الأشجار بين رموشك، وتخضر السنابل عند وجنتيك.
ترقرق في الحوار، فسوف تهبط النجوم بين مقلتيك، ويسفر القمر عند حاجبيك، وتكون أنت الكون المؤدلج بالحب والعاطفة الجياشة سبيلك، وسنبلتك، والهوى قصيدتك العصماء، المبهرة، وحبيبتك لغة تأخذك إلى الآخر، كما السفن في مناهل الحياة.