ليس بالإمكان أفضل مما جرى وكان، هذا أقصى ما لدينا وتلك كانت غاية قدراتنا، لا تحدثني عن الإمكانيات، ففاقد الشيء لا يعطيه، فلا نكابر ولا نخدع أنفسنا ولا نفتش عن أسباب غير موجودة، ومبررات لمجرد تسلية النفس، ولتطييب الخواطر، وإذا كانت الروح القتالية لعبت دوراً مهماً في وصولنا إلى الدور نصف النهائي، لا يمكن أن نراهن عليها على الدوام، كرة القدم وأي رياضة أخرى تنحاز غالباً للأفضل، تلك هي الخلاصة وذلك هو ما حصل.
90 دقيقة لا تكفي لكي تخوض المباراة النهائية على لقب كأس أكبر قارة في العالم، وهذا هو ملخص مشاركتنا في هذه البطولة، كانت مباراتنا أمام أستراليا مجرد استثناء، ولن أتحدث عن المستوى بالطبع، فلم يكن حاضراً بالشكل المطلوب أيضاً، ولكن الروح القتالية والإرادة والعزيمة، كلها أشياء جعلتنا نتجاوز عقبة «الكنجارو»، ولكن هذه الأشياء لا يمكن استدعاؤها دائماً في كل مرة، لأنها أشياء لا تباع ولا يمكن أن تشترى.
ما الذي قدمناه منذ بداية البطولة، حتى يكون الحزن عميقاً لهذه الدرجة، وحتى تكون الصدمة غير قابلة للاستيعاب، باختصار «لا شيء يذكر»، مجرد لحظات قليلة في كل مباراة، وكنا نفلت بأعجوبة في لحظات كثيرة، كان التوفيق إلى جانبنا لفترات طويلة، وهذا التوفيق لا يصاحبك دوماً، لابد أن تثبت في بعض الأحيان أنك أهل له، وتقدم ما يؤكد أنك «تستاهله».
خسرنا بالأربعة لتمحي هذه الهزيمة الثقيلة كل الذكريات الجميلة التي عشناها في هذه البطولة على الرغم من أنها قليلة للغاية، جاءت الخسارة لنفيق على واقع مؤلم تعيشه كرتنا في السنوات الأخيرة، حاولنا تغطيته بـ «غربال»، وكنا نجمل الصورة، كنا نراهن على شيء نعرف في قرارة أنفسنا أنه في حكم المستحيل، ومع ذلك لم نفقد الأمل أبداً، كل يوم نقول غداً تزين، ولا يأتي غداً.
أبت كرة القدم إلا أن تعاقبنا على تقصيرنا في حقها، لم نقم بواجبنا على الشكل المطلوب، لم يكن الإعداد مثالياً، ولم تكن الظروف طبيعية، ومع ذلك لم يكن مقبولاً أن نتحدث عنها بصراحة، طالما أن منتخبنا في قلب البطولة، وطالما أنها كانت تسير على ما نشتهي، ولكن إذا كانت الأساسات خاطئة لا يمكن أن يستوي البنيان، حتى لو تأجلت الأحزان، فقد كنا نتوقع الصدمة كل يوم، ومع كل مباراة نخوضها، ولكنها كانت تبتسم لنا تارة بأخطاء المدافعين، وأحياناً بدعاء الوالدين، ولكنها في النهاية عبست وجاءت على عكس هوانا، فلماذا نحزن إذا كان هذا هو مستوانا؟