بعض الناس، لا تحلو لهم الجلسات بلا غيبة أو نميمة، فلا يفلت من ألسنتهم صديق، أو زميل، وإن كانت النساء يتهمن بالتسلّي بالاستغابة، أكثر من الرجال، فإن بعض الرجال، لا عمل لهم إلا استغابة الآخرين، وقد تطورت وسائل الغيبة مع دخول الشبكة العنكبوتية، و«البلاك بيري» و«الفيس بوك»، فلا تفوت هؤلاء فائتة! قال محمد بن حزم: أول مَن عمل الصابون سليمان، وأول مَن عمل السويق ذو القرنين، وأول مَن عمل خبز الجرداق نمرود، وأول مَن اغتاب آدم إبليس. وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما عُرج بي إلى السماء وردت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فقلت: مَن هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء يأكلون لحوم الناس. قال كُثَيِّر عَزَّة: وَســـــَعىَ إليَّ بعيــبِ عَزَّةَ نســــوةٌ جـعل الإلهُ خدودهــــنَّ نعالهـــا اغتاب رجل الحسن البصري، فأهدى له طبقاً من الرطب، فأتاه الرجل وقال له: اغتبتك فأهديت إليّ! فقال الحسن: أهديتَ إليّ حسناتك فأردت أن أكافئك. وقال تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ...) «الأنعام: الآية - 68». سُئل الفضيل بن عياض عن غيبة الفاسق، فقال: لا تشتغِل بذكره، ولا تعوِّد لسانك الغيبة، اشغل لسانك بذكر الله، وإياك وذكر الناس، فإن ذكر الناس داء، وذكر الله دواء. أتى رجل عمرو بن عبيد الله - فقال له: إن الأسواريّ لم يزل يذكرك ويقول: عمرو الضال. فقال له: يا هذا، والله ما رعيتَ حقَّ مجالسة الرجل حين نقلت لي حديثه، ولا رعيتَ حقي حين بَلَّغتَ عن أخي ما أكرهه. أعلمه أن الموت يعمُّنا، والبعث يحشرنا، والقيامة تجمعنا، والله يحكم بيننا. قيل: روى معاذ بن جَبَل أن رجلاً ذُكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قوم: ما أعجزه! قال عليه السلام: «اغتبتم صاحبكم» - فقالوا: قلنا ما فيه - فقال: إن قلتم ما ليس فيه فقد بهتموه». عدنان النحوي: لا يُفسِد الودّ مِثْلُ الظنِّ يَفْتَحُ مـنْ شَـرٍّ ولا يَرْتضــــي للخَيْر تَعْليـــلا يَظَلُّ يُغلِقُ أَبـــوابَ الرضــا غضبـاً جَهْلاً وينشـُر إِفســاداً وتَضْليــلا تُبْنَى المودَّةُ مِنْ جُهْدِ السّنينَ رضـاً ويَهْدِمُ الظنُّ ما نَبْنِـيه تَعْجِيـــلا يَظلُّ بالظنِّ صَدْرُ المرءِ مُضطــــرباً «بالقيل والقال» تَحْويراً وتأوِيــلا يَبْني التُّقى النُّصحَ بين الناس نَهْجَ وَفَا ويَحْسب الظـنُّ نهجَ النصح تجهيلا يظَلُّ بِالنُّصْحِ حَبْــلُ الوُدِّ مُتَّصِــــلاً بِراً وصَفْواً وإحســـــاناً وتنْوِيــلا كمْ مَزّق الظنُّ مَنْ قَدْ كَانَ يجمعهم صدقُ الهُدى ووفاءً كان مبـذولا وكيف يَصْدقُ ظَنــــــٌ دُونَ بَيِّنَـــةٍ تردُّ من شُـبْهـةٍ، تَنْفي الأقَاويــلا تُلقي النَّميمةُ أَلوانَ الفســـادِ وقـد تُخْفي الحقيقــةَ تزويـراً وتهويــلا تُزَيِّن الشرَّ بين الناسِ! تَقْطَعُ مــن وشائجٍ ! تَقْتُل الإنســــانَ تقتيلا ما بين غِيْبةِ مُغْــــــتابٍ وفِرْيَتِــــهِ تفرّقَ الناسُ تشـــــتيتاً وتضليلا تمزَّقت رِحـــمٌ مَوْصُولـــــةٌ بِهِـــــمِ فَبَاتَ لحْمُــــهُمُ مَيْـــتاً ومأكــولا صدقٌ ونُصْحٌ وصَفْوٌ في النفوس بَدَا عَزْماً يَظَلُّ مَعَ الإيـــمانِ مَبْــذولا ? الدكتور عدنان بن علي رضا بن محمّد النحوي ســعودي من مواليد صفد - فلسـطين 23/7/1346 هـ الموافــق 1/15/ 1928م