اعتماد مجلس الوزراء الموقر يوم أمس للميزانية الاتحادية للدولة للسنوات الثلاث المقبلة، بقيمة 180 مليار درهم، ليس كالقرارات المماثلة في السنوات الماضية، فهذه الميزانية وما يرافقها من مؤشرات إيجابية، تتمثل في عدم وجود عجز مالي، مع كون ميزانية العام المقبل الأكبر في تاريخ الاتحاد.. كل ذلك يشير بوضوح إلى قوة الاقتصاد الوطني وما سيحققه من منجزات نوعية خلال السنوات القليلة المقبلة.
مثل هذه الميزانية «الاستثنائية» تمثل رسالة إيجابية مهمة للمستثمرين والمعنيين بالشأن الاقتصادي، فالنمو الذي تسجله القطاعات المختلفة سيستمر بقوة خلال الفترة المقبلة، ودولة الإمارات تتجه إلى تعزيز وتقوية مكانتها الاقتصادية العالمية، والأكثر أهمية هو أن الدولة تدرك تماماً أن المنافسة ومواصلة التطوير عجلة لا تتوقف في المفهوم الاقتصادي الحديث، خصوصاً في الظروف التي يمر بها الاقتصاد العالمي حالياً.
ويترافق ذلك مع السمعة الكبيرة التي تحظى بها الإمارات عالمياً، فأبوظبي تمتلك أصولاً سائلة قوية للغاية، وستصل إلى 686 مليار دولار أميركي في العام 2020، وفقا لوكالة «إس أند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية»، وهو أمر يترافق مع مؤشرات أخرى عديدة منها مستويات الجدارة الائتمانية العالية التي تحظى بها إصدارات الإمارة السيادية في الأسواق العالمية، وكل ذلك يعني قدرة أكبر على التعامل مع الظروف الاقتصادية المتغيرة بالعالم.
الاقتصاد الإماراتي حقق العديد من المنجزات الإيجابية منذ قيام الدولة في مختلف الميادين، حتى أضحى محوراً عالمياً بارزاً، والمؤشرات المستقبلية توضح أن المسيرة ستواصل تقدمها بكل قوة.
فقطاعات مثل الطيران والسياحة ستواصل دورها ضمن استراتيجيات التنويع الاقتصادي، خصوصا مع المقومات السياحية النوعية التي أصبحت تمتلكها الدولة والتي رسخت مكانتها كوجهة سياحية عالمية، فيما يشهد قطاع الصناعة تطورات مهمة في ظل التطور الذي تحققه الصناعة الوطنية النوعية، واستخدام أحدث وسائل الإنتاج بالاعتماد على تقنيات الذكاء الصناعي، وما ستحمله الثورة الصناعية الرابعة، مع الدعم الحكومي لهذا القطاع المهم، وتذليل العقبات والصعوبات أمامه، وهو الأمر الذي ينطبق على قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذي يحظى باهتمام كبير، كما يواصل قطاع التجزئة توسعه، بعد أن أضحت الإمارات اسماً مرتبطاً بنجاح العمل التجاري، بناء على سياسة السوق المفتوحة، وكل ذلك ينطبق على قطاعات مثل الطاقة والاستثمار المالي والعقاري، والتي تعيش دوراتها الاقتصادية الطبيعية في ظل بنية متينة مرتبطة بالأسس القوية للاقتصاد الكلي.
اقتصاد الإمارات أنجز الكثير، لكنه يتجه لتحقيق ما هو أكثر، ويسير نحو المستقبل بكل ثقة وثبات.