استقبلت دولة الإمارات ضيفاً من نوع خاص، ضيف يتشارك مع دولتنا قيم التسامح والأخوة الإنسانية التي طالما نادى بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان... نستقبل لأول مرة في تاريخ المنطقة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في زيارة مشتركة ولقاء أخوي إنساني سيسجله التاريخ بمداد من ذهب... البابا فرنسيس يدخل منطقة الخليج من بوابة الإمارات، خطوة مهمة لم تأت من باب الصدفة، بل جاءت ثمرة جهود بذلها الآباء المؤسسون والقيادة الرشيدة منذ المحطة الأولى التي تمثلت في زيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى الفاتيكان قبل 68 عاماً، لا شك أنها رحلة أسهمت في تكوين شخصية زايد ونهجه الإنساني في علاقته مع الآخرين، حينما قال «الخط الآخر لسياستنا مع الدّول غير الإسلامية، هو خط إنساني بحت يقوم على المحبة والتّسامح، فعلينا واجب نحو البشرية، نتعاون معها، ونتعامل معها كبشر، نحترمهم كبشر، ونكنّ لهم بقدر ما يكنّون لنا من صداقة ومودّة».
تمتلك الإمارات تاريخاً عريقاً مشرفاً في التعايش الإنساني، وحرية ممارسة الشعائر الدينية لجميع من يقيم على أرضها، فقد تأسست كنيسة سانت جوزيف الكاثوليكية كأول كنيسة كاثوليكية في الدولة بأبوظبي عام 1965 على قطعة أرض تبرع بها الشيخ شخبوط. واليوم تحتضن الإمارات حالياً 76 كنيسة ودار عبادة لمختلف الديانات والعقائد بعضها شيد على أرض تبرعت بها الدولة... أما تاريخياً فقد اكتشف علماء الآثار بقايا كنيسة ودير على جزيرة صير بني ياس يرجع تاريخها للقرن السابع الميلادي... حقائق تاريخية تحمل دلالات مهمة، فقد كانت الإمارات على الدوام حاضنة لجميع الأديان والثقافات.
يرسخ لقاء الأخوة الإنسانية على أرض التسامح المكانة العالمية للإمارات كدولة راعية للتنوع الثقافي والحضاري في العالم، حيث يستضيف المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية قيادات دينية من جميع أنحاء العالم ويبحث في تعزيز التعايش والتسامح بين جميع الجنسيات والأديان والخلفيات العرقية، كما يشهد ملعب مدينة زايد الرياضية غداً استضافة أكبر قداس بمشاركة 135 ألف شخص في أكبر تجمع من نوعه في تاريخ الإمارات.
وقد شكل تجمع السلام الذي أقيم قبل يومين في حديقة أم الإمارات حالة فريدة من التعايش بين جميع الجنسيات، عندما غنى الجميع بصوت واحد للسلام، حاملين بأيديهم شموع الأخوة الإنسانية... جنسيات وثقافات ولغات مختلفة، لكن الجميع اتفق على هدف واحد هو الإنسانية والسلام.
اتخذت الإمارات العديد من الخطوات، لتعزيز نهج التسامح وترسيخه قيمة مجتمعية بين الجميع، حيث استحدثت أول وزارة للتسامح على مستوى العالم، وأطلقت «البرنامج الوطني للتسامح»، الذي يغرس قيم التعايش والوئام في المجتمع، عبر مبادرات تنشر قيم التسامح، وتكافح ثقافة العنف والتطرُّف والتعصب.