(في ذكرى غياب الجميل غانم غباش)
يا غانم غباش.. انهض قليلاً من نومك الأبدي، وسوف ترى أن الأمانة العامة لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات قد خصصت كل عام مسابقة باسم «غانم غباش» للقصة القصيرة. وهذه المسابقة هي الدورة (15) لعام 2024، وتذكر أن هذه المسابقة أنت الذي اقترحتها حين كنت عضواً مؤسساً لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، تماماً كما عودتنا دائماً على الإبداع، وابتكار نهج الثقافة.
 لقد فقدنا بفقدك قدرة الاجتراح والخروج. إنني أحتفي بحضورك الغائب، وأسميه تأبيناً، وأنت الذي خرجت على النواح والتأبين لتؤسس الأمل والنشيد، وتحتفي بالإنسان أينما كان، وفي أي زمان احتوى أشواقه وآلامه.
أي غانم.. انهض قليلاً  كي ترى أنك حين لملمت شتات أرواحنا ونسجتها بيد المحب الحكيم المستنير في نشيد التطور، انفرطت إذ غبت عنا.. وانفرطنا كل في أهوائه الصغيرة. وكل يبتني لنفسه مجد الزوال، وكل سائر إلى قفره، لا زوادة الحلم، ولا ماء الأمل.
أي غانم..
كنت للإنسان وحده حين ينهض من أقاصي الأرض حتى أقاصي الغد.
وحده .. حين يرفع هامته متعالياً.
وحين يسير بقدم الرسوخ نحو فضاء الحرية.
 كنت ترى الحرية لا تتحقق إلا في الجموع 
وآمنت أنت بوحدة الإنسان والمصير والأمل
 وحين كنا نغرق في ثقل النائم الأصم، كنت تنصت إلى أوهى (ونّة) في البعيد وفي القريب بسمع مرهف الروح وقلب شفيف يفيض بالحنان، وعقل شديد النفاذ.
وحين كنا نغلق آذاننا، كنت تطرب لأخفت ترنيمة للحرية في أقاصي الأرض. فكيف كنت تنفذ للعلة قبل المعلول. وللأسباب قبل الظواهر؟ أي نفاذ بصيرة وهبت. وأي اختزال للنبل كنت. وأي روح متسع كرحاب المحبة أكرمت بها. أي قلب حر ملكت. وأية شجاعة باهرة القوة كانت تسير قدميك!
أي غانم .. انهض قليلاً .. وقُد بصيرتنا إلى فضاء النور، وافتح لنا أفق الأمل.
 انهض.. وغن معي:
سوف ينهض العشب
من بعدنا
في هطول الصباح
ويسري
كما قطرة
في الغمام