كانت مباراة العين والهلال باستاد هزاع بن زايد «درامية» و«ملحمية»، حتى أن الجمهور أخذ يتابعها واقفاً، متحمساً، مشدوداً، كأن الملعب قد تحول إلى ساحة «الكوليزيوم» الرومانية القديمة التي تشهد مصارعات المجالدين وسط صيحات الانفعال من الجمهور. كان هذا حال المدينة الإماراتية الهادئة، في مباراة الذهاب التي انتهت بفوز العين 4-2 في مفاجأة مدوية في البطولة الآسيوية، فقد حضر الهلال إلى العين حاملاً رقماً قياسياً، وهو خوض 34 مباراة متتالية هذا الموسم، حقق فيها الفوز، وقد لعب 42 مباراة، من دون خسارة، وانتصر في 39 مباراة، وتعادل في 3 مواجهات. وجزء من هزيمة الهلال أمام العين، هو بدء مباراة الذهاب، وهو يحمل تلك الأرقام في عقل لاعبيه وعلى أكتافهم. والسؤال الآن: كيف يلعب العين في مباراة العودة اليوم باستاد أرينا؟ هل يدافع؟ هل يهاجم؟ هل يفتح اللعب؟ هل يغامر مدربه الأرجنتيني هيرنان كريسبو؟
كلها أسئلة مشروعة، وتتعلق بما يعرف بشخصية الفريق، في المباريات الحاسمة، خاصة أن الهلال من أبرز وأقوى فرق السعودية وآسيا، ويضم نخبة من أصحاب المهارات، سواء من اللاعبين السعوديين أو الأجانب.
ويخطئ من يظن أن «شخصية الفريق» هي قوته الهجومية فقط، ولكنها أيضاً في قوته الدفاعية، وقد فعلها ريال مدريد أمام مانشستر سيتي على ملعب «الاتحاد»، ولولا تلك الشخصية الدفاعية المدريدية القوية لخرج «الريال» مهزوماً، كما قال أنشيلوتي.
والفرق التي تفرض شخصيتها الهجومية في كل مباراة تعد على أصابع اليد الواحدة عالمياً، وفي مقدمتها مانشستر سيتي، ومع ذلك عجز الفريق عن اللعب بشخصيته أمام تشيلسي في قبل نهائي كأس إنجلترا، واتسم الأداء بالعشوائية من فرط الإجهاد الذي أصاب اللاعبين في مباراة ريال مدريد، وكانت تلك شكوى جوارديولا المنطقية من جدول الكرة الإنجليزية. لا توجد مباراة سهلة، ولن تكون مباراة العين مع الهلال سهلة للفريقين، العين مطالب بالحفاظ على تقدمه في لقاء الذهاب، والهلال يسعى للعودة في لقاء العودة. والسيناريو المتوقع هجوم هلالي جارف، مع مساندة جماهيرية كبيرة، يقابل ذلك دفاع من العين، لكن المهم كيف يدافع؟ كيف يغير من «الرتم»، ولا ينجرف في مقارعة السرعة بالسرعة؟ وكيف يتسلح بالهدوء الذهني وهدوء الأداء؟ وحتى الهلال مطالب هو الآخر بـ «الرتم» وتغيير الإيقاع والهدوء الذهني، وهدوء الأداء.
إن أخطر أساليب الدفاع، هو العودة والتراجع إلى أمام منطقة الجزاء، وأن تترك المهمة لخط الظهر، مع بعض المساندة من الوسط. وفي مثل تلك المباريات، يكون الفريق كله مطالباً بتنظيم دفاعي، متقدم في ملعبه وليس متقدماً في ملعب المنافس، مع سرعة استخلاص الكرة، والضغط المستمر في مواقف الدفاع. ومثل لعبة «شد الحبل»، سيرسل الهلال موجات هجوم زرقاء بلا توقف بحثاً عن الهدف المبكر، وفي الوقت نفسه سيكون العين مطالباً بهجوم مضاد عبر مهاجميه سفيان رحيمي رجل مباراتي الهلال والنصر، ومعه كاكو وأحد لاعبي الوسط.
**
 إن الهجوم والدفاع أنواع وأساليب، ومعيار الجودة في التطبيق هو الجهد البدني واللياقة والتنظيم والتركيز، مسرح أرينا في انتظار العين والهلال.