بعض المسؤولين في جهات خدمية لا يطيب لهم أمر إلا بمشاهدة طوابير المراجعين أمام مكاتبهم ليستشعروا أهميتهم والدور المهم لسلطتهم وصلاحيتهم، بينما يمكنهم بشيء بسيط من التنظيم والمرونة تسهيل أمور الناس.
تابعت مؤخراً موقفين يعبّران عن الارتجال وعدم التنظيم أو الاستعداد المبكر للتعامل مع تكدس المراجعين وتوافدهم على أي مرفق لا يدرك المسؤول عنه حجم العمل المناط به والمسؤولية المترتبة عليه.
 البداية من خيمة الفحص بالليزر لـ«كوفيد 19» والتي أُقيمت على عجَل في منطقة غنتوت للقادمين من دبي، والتي ظهرت فجأة وسط جدل واسع شهدته الأيام الماضية حول مدة ومكان فحص القادمين، فمن حديث بضرورة أن يكون فحصاً جديداً خارج إمارة أبوظبي، ليعود ويتغير الكلام والاشتراط.
بين الأخذ والرد، ظهرت تلك المشاهد المزعجة التي جرى تداولها لطوابير الناس والسيارات لساعات طويلة تحت الشمس لدخول الخيمة والتي كسر أحد أبوابها جراء التكدس الشديد في اليوم الأول، في مشهد غير حضاري على الإطلاق، قبل أن تستقر الأحوال في الأيام التالية بعد فرض إلزامية المواعيد المسبقة للاستفادة الخدمات المتاحة، وتمكن القادمين من الدخول. 
 كنا في غنى عن كل ذلك إذا ما جرى إبلاغ الجهة المشرفة والمشغلة لخيمة الفحص بالليزر- وهي من القطاع الخاص- بضرورة الاستعداد الجيد والمنظم للقيام بالمهمة التي أُسندت إليها، وذلك بإقامة أكثر من خيمة، وتوفير العدد الكافي من الكوادر الفنية، والإعلان مبكراً عن ضرورة الحجز المسبق للمواعيد.
أما الموقف الثاني، فمن قلب العاصمة، ومن أمام مقر بنك أبوظبي التجاري العقاري في منطقة الزاهية، والذي يدير نسبة كبيرة من العيون العقارية في المدينة، حيث تتكدس يومياً طوابير المراجعين بعد أن اختار البنك أن يقلص عدد موظفيه من المكاتب بسبب جائحة «كورونا»، وضمن لوائحه فرض غرامات تأخير على تجديد عقود المستأجرين أو تأجيل أي قسط لهم، وهذا من حقه في الظروف العادية، ولكننا أمام ظروف استثنائية تعاملت معها الجهات المختصة في الدولة بكل حكمة وتضامن مجتمعي لتخفيف الأعباء عن المتضررين من الجائحة سواء من خلال مبادرات هيئة «معاً» أو دائرة قضاء أبوظبي. ومما ساهم في زيادة الطوابير أن أغلب المراجعين يريدون سرعة تجديد العقود حتى لا يتعرضوا لغرامات «مواقف السكان». شيء من التنظيم والمرونة يسعد الجميع بدلاً من اختلاق الازدحام وحرق الأعصاب.