وحدها الظروف الراهنة التي خلقت مجالات جديدة، وأفكاراً مبتكرة للتغلب على ما حل بالأنشطة الثقافية والفنية والعلمية والتعليمية. وقد ساعدت وسائل الاتصال الحديثة على حل تلك المشاكل حتى لا تتسبب في حالة من الجمود والركود في العمل والأنشطة الثقافية والفنية.
تلك الوسائل الجديدة، صحيح أنها حلت بعض الشيء مشاكل العمل والأنشطة، وقد ظهر البعض متحمساً لهذه الفكرة والطريقة، ويبشر ويدعو إلى استمرارها وتعميمها، وبعضهم أعجبه الأمر كونه يبقى جالساً في منزله من دون حراك وبعيداً عن المزاحمة أو المقاطعة أو المواجهة المباشرة، والتفاعل معه بالرأي أو الفكرة، سواء بالاتفاق معه أو الاختلاف أو حتى طرح أفكار جديدة. 
في الاتصال غير المباشر، والذي لا يحتك فيه المتحدث أو صاحب العمل الفني أو غيره من الأنشطة، يشعر أنه في حصانة المسافة والبعد، ولديه القدرة على التحكم في جهاز الكمبيوتر أو الهاتف، سواء بقطع الحديث أو الاختفاء لحظات بحجة العطل الفني، بينما يغيب الجمهور أو المتابع عبر الشاشة، يحاول أن يتداخل أو يقول شيئاً، ولكن الأمر ليس بيده وقد ينهي المتحدث ما يريد من قول أو طرح ما يريد من أفكار، ثم انتظار ما قد يتاح لحواره من وقت أو قد لا يتاح، بل إن المتحدث قد يستعين بوسائل وأدوات أخرى لا يشاهدها المتابع، وقد تصل لآخرين يمدونه بالأفكار أو يصححون له بعض الأفكار من حوله.
الجلسات والندوات الافتراضية تجربة جديدة لها الكثير من الإيجابيات، وأيضاً بها الكثير من العيوب، نعم هي الحل المثالي في ظل الظروف التي مرّت بنا، وبالتأكيد الأنشطة والعمل في الواقع الطبيعي وسط أدوات العمل ومحركيه، ومن خلال وجود الجمهور، أكثر تأثيراً وأعم فائدة، وكذلك مشاهدة المسرحية من خلال القاعة وخشبة المسرح أكثر تأثيراً في الجماهير، كما أن حضور المعرض الفني ومشاهدة العمل مباشرة ثم مخاطبة الفنان والاستماع إليه أكثر فائدة وأهمية من المشاهدة الافتراضية، كما أن الفنان نفسه يفضل التفاعل المباشر مع جمهوره.
تجربة «عن بُعد»، إنْ أصبحت قاعدة، فإنها سوف تقتل كل شيء من جمالية الخشبة والقاعة واللقاءات الإنسانية المباشرة.