كان تاريخ الحضارات البشرية الشرقية والغربية يدوّن بما قبل ميلاد السيد المسيح. ثم أصبح تاريخ الحضارات وتطورها في العالم كله يدوّن بما بعد ميلاده. حتى أصبح هذا التقويم الميلادي روزنامة يومية وسنوية في كل أنحاء العالم العربي والغربي دون استثناء. أما تاريخ الحضارات العربية بتعدد مسمياتها وأزمنتها فكان يدوّن بما قبل هجرة الرسول، صلى الله عليه وسلم، إلى مكة، في العام الثامن من الهجرة الموافق (622 ميلادي). وها نحن والعالم نسجل تاريخنا اليومي بتاريخ ما بعد ميلاد السيد المسيح. وندوّن تاريخ حلول شهر رمضان المبارك وعيـد الفطر وعيد الأضحى، وأعيادنا العربيــة الإسلاميـة بالتاريخ الهجري. ولكن بعد انتشار فيروس كورونا «كوفيدـ 19» المستجد كما يصفونه، أو المستبد -إن صح التعبير- بسبب انتشاره واستبداده وقتله لآلاف البشر في كل أنحاء العالم وتدمير الطمأنينة والأمان والاقتصاد بكل مسمياته وغاياته التي أصبحت بين انحسار لبعضها واستغلال بعضها للجائحة، من أجل إنتاج كل الأدوات التي ستحمي البشر من انتشارها، وفرض الحجر والعزلة وضرورة الالتزام بالشروط والتعاليم التي تبثها وزارة الصحة وحماية المجتمع في دولتنا الحبيبة، ووزارات الصحة في دول العالم جمعاء، للالتزام بها في سلوك الناس اليومي، بسبب الخوف من تفشي هذه الجائحة بينهم. 
وقد مرت البشرية عبر كل العصور بمئات الأنواع من الأوبئة والأمراض، ولكنها لم تثر كل هذا الضجيج، ولم تُستغل تلك الأوبئة كوسائل وأدوات لإخضاع البشر لسلطة الاقتصاد والبيع والشراء كما يحدث اليوم أثناء هذه الجائحة. كما أن بعض المنظمات التي تدعي أنها تسعى إلى اختراع علاج فعال لهذا الوباء، والمنظمات التي تدعي أن هذا الوباء لن ينحسر وسوف يمتد إلى أزمنة قادمة لغاية المزيد من التحصيل المادي من قبل الدول التي تثق بمقولاتها وادعاءاتها. ولعل كلنا أو بعضنا يدرك ويعرف أن كل حدث طارئ يغير مسارات الحياة المطمئنة سواء كان جائحة أو حروباً تعصف بحياة البشر يصبح سبباً للاستغلال المادي الذي يحيل البشر إلى الهجرات والفقر والتجويع والموت. 
ولكن السؤال الذي تحيّرني الإجابة عليه: هل سيصبح تاريخ بداية انتشار فيروس كورونا في نهاية شهر ديسمبر 2019، والذي سمي بسبب ظهوره في هذا التاريخ «كوفيدـ 19» المستجد، تاريخاً يتجاوز كل التواريخ في حضاراتنا وحضارات كل دول العالم؟ هل سندوّن تاريخ ميلاد أطفالنا، أو تاريخ إبداعاتنا واختراعاتنا بما قبل انتشار كورونا «كوفيدـ 19» أم بعد انحساره؟!