لا يمكن لسفن الحياة أن تشق عباب البحر، وهو يعج بموج العواتي، وتضيع بوصلته في خضم حماقة البحر وسعيره، وسجوره.
اليوم العالم يقع قاب قوسين من الاستمرار في بناء حضارته التي تعب وشقى لأجلها السابقون، أو أنه يفقد الوقوف على مسؤولياته ويفلت منه الزمام، وتجمح الجياد وتجنح السفن ونعود القهقرى إلى بدايات كانت فيها الحياة مجرد الجمع والالتقاط، والجلوس تحت الشجرة حماية للجسد من لهيب الشمس.
الفوضى واللا مبالاة سببان رئيسيان لتعثر عربة الحضارة، وتخلفها عن ركب التألق، وخنوعها لرغبة الأنا المتضخمة، والوقوع في الممنوع.
دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة لمنتدى الاقتصادات الرئيسة الخاص بالطاقة وتغير المناخ، إلى ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي، والسعي إلى ترسيخ قيم السلام، إنما هي دعوة نابعة من قناعة وتجربة طويلة الأمد استمدتها الإمارات من إرثها الخالد، والذي كرسه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسارت القيادة الرشيدة على أثره الطيب منتمية إلى جيل وافر المعرفة، ثري بالسجايا الناصعة، غني بأحلام السلم.
هذه هي الإمارات، وهي تبرز في الوجود واحة غناء، يهفهف على جبين أرضها نسيم الطاقة النظيفة، وترفرف في فضاءاتها ناصيات الحلم الجميل.
هذه هي الإمارات بعزم قادتها، وإرادة شعبها تسجل اليوم نقاط الفوز على العقبات، وتتجاوز الكبوات بضمير إماراتي فذ وفريد، وتلامس شغاف الحياة بسلام النفس وسلم القريرة، واستقلال الروح من قيود الشوائب، وأصفاد تراكمات عقد النقص.
الإمارات اليوم تبني مجد أجيالها بحزم من المشاريع الخلاقة، والمنجزات البراقة وتذهب بالطموحات إلى الدرجات العلا، ولا يتوقف قطار التطلعات لأن القدرات عظيمة. الإمكانيات فخمة ورائعة.
كل ذلك يؤشر إلى مستقبل باهر زاهر، مثمر عناقيده نجاحات تتوالى، وتتعاقب وبكل ثقة تمضي القيادة في دعم أبنائها لكي يتعمقوا في كتاب الوجود، وينهلوا من ثناياه، وينسجوا أحلامهم من أهداب المعرفة الحقة في ظل ما تنعم به بلادهم من سلام ووئام وطمأنينة، وهي المطلب والمبتغى البشري، إذا ما أرادت البشرية أن تنعم بحياة خالية من المنغصات، صافية من غبار معارك الكراهية، نقية من سعار الركض خلف سراب أفكار شوفينية عنصرية بغيضة.
هذه هي الإمارات، في حلها وحللها تبدو في الوجود قامة ومقامة تطل على العالم بنظرية السلام هو المعادل الأول للتنمية والنهوض بالمجتمعات حيث تكمن نجمة الجمال، وتطمئن غيمة الكمال.