أينما توجد الكراهية يطفئ الضمير مصابيحه، ويظل يتسكع في الظلام الدامس، فيدهس على الحقائق الدامغة، ويدوس على الفرح ويترك خلفه بيوت الخراب، وفتات الدمار.
أينما توجد الكراهية تغيب الشمس عن العالم ويعم الكسوف، وينتشر الغبار، ويسطير السعار على القلوب. ويعيش العالم في همجية بالغة التوحش، والانحدار في مهاوي الفجيعة، والحسرة والتشرد، والضياع، وسوء التدبير.
أينما تحل الكراهية، فإنها تجلب معها العقل المأزوم، والقلب المكلوم، والواقع المثلوم، وتصير الحياة مثل حثالة بغي وطغيان، وطوفان يقضي على البهجة ويستولي على النفوس، ويسلب الرؤوس، ويضيع البرهان، ويتشتت البيان، فلا بوصلة تدل على الطريق، ولا شراع يأخذ إلى موانئ السلام والأمان.
عندما تتمكن الكراهية من العالم، فلا حقيقة غير حقيقة الغالب والمغلوب، وفي واقع الأمر لا منتصر في خضم جائحة الحقد، ولا حياة في معمعة هذا الغليان السمج.
لقد مر العالم بأفظع جائحتين، حيث عاث المغول فساداً في الشرق والغرب، ثم استكملت الجماعات المتطرفة ما خلفه المغول من مصائب وخرائب، ونواكب، وتفرقت الأوطان إلى طرائق قدد، وصار الإنسان مجرد آلة معطوبة في حلقة القتل والسلب والنهب.
اليوم، العالم قد بلغ مبلغاً يحتاج فيه إلى العقلاء، وكل من لديه ضمير حي كي ينقذوا أطفال المستقبل من عقدة الأنا المتضخمة، ويحموا الحضارة من مناجل الهدم والتهميش ويعيدوا للعقل مكانته، وللحضارة بريقها، وللسوية أناقتها ويحرموا الغوغاء من بسط النفوذ على أوطان العالم، لنعيش جميعاً في قارب الحياة آمنين على حياتنا، مستقرين في بيوتنا، سعداء بما أنجزه المخلصون، وما شيده الأوفياء، وما صنعته أيدي النجباء في هذا العالم.
اليوم الشعوب بحاجة إلى العقل كي ينهض بمسؤولياته، ويعمل علي دحض الافتراء، وإفساد ما تحمله الضمائر الميتة من عفن، ونتانة.
اليوم تخرج الصرخة من مدوية من هنا، من الإمارات لتوقظ العالم من السبات، ولتحيي دور الضمير في صناعة غد أطفال العالم، وحمايتهم من أيدي العابثين بعقولهم، النابشين في القبور.
اليوم الإمارات تقود مرحلة الاستنارة من أجل غد مشرق، وحياة مبهرة، وعلاقات إنسانية يسودها الحب والاحترام، والتعاون، والانسجام.
الإمارات هي أمل العالم في بدء الخطوة الأولي نحو مستقبل زاهر تقوده العقول النيرة، والضمائر الحية، لكسر الأنياب الصفراء، وتحطيمها على صخرة الصمود والتحدي، وبناء جدران الوقاية من عدوى جوائح الكراهية، والأحقاد، والشوفينية والعنصرية والاصطفافات الحزبية. الإمارات اليوم هي الأمل، وهي المنى لتحقيق طموحات الشعوب في العيش من دون ضغائن، والسير في الطريق السوي المعبد بالحب والتضامن.