كان والدي رجلاً شهماً ذا أخلاقٍ رفيعة، ومن الرجال الذين سافروا إلى الكويت للعمل والكد لتأسيس عائلة يضمن لها الحياة الكريمة. لذا أعجب بتلك الشخصية أحد المغتربين من أبناء وطنه فطلب منه الزواج بابنة أخته، وعندما عاد من الكويت تزوج والدتي وأنجبنا، وقد أنقذنا الله بأن وهبنا أسماء كانت مرتبطة بالأسماء الشائعة في الإمارات، ولم تكن مرتبطة بأسماء الممثلين أو المشاهير الذين أدخلتهم الشاشة الصغيرة الفريج. 
بعد ذلك بفترة وجيزة قام اتحاد الإمارات وانتقلنا إلى مدارس ومرافق وحياة كريمة جعلتنا متماسكين مجتمعياً، ولدينا هدفٌ مشترك ألا وهو النجاح والفلاح والعمل بإيمانٍ ويقين لتصبح دولتنا الأجمل دائماً.
وأذكر أنه عندما توفرت لديه «البيزات» فكر في شيء يعبر عنه وعن شقاء سنينه وغربته، فكر في أن يكافئ نفسه بخنجرٍ من ذهب. كانت المعضلة تكمن في قبضة الخنجر الذي صممه بشغفٍ عكس تمسكه بهويته ودلالاتها المعنوية، التي تدل على الشجاعة والاستقرار. انتظر لمدة لم تكن قصيرة وصول القرن الذي نُحِتت منه قبضة الخنجر. وذات يوم جاء البيت وفي يده لفافة عرفنا من شكلها المعقوف أنها ذلك الخنجر المنتظر. 
لم يفرج عن تلك العقدة وبقينا ننظر إليها ذلك المساء حتى نقع مدفع يبشرنا بأن العيد قادمٌ غداً. هنا فارقنا الفضول وعانقنا أمل أكلنا الحلوى والرهش والهريس وحصولنا على العيدية، فاخترنا تجربة ما سوف نلبسه للعيد من ملابس وأحذية ونقلس وكواشي.
في صباح يوم العيد كنا «نتمتح» قبل أن نقوم من الفراش، عندما دخل والدي مسرعاً من المصلى وقد أدى صلاة العيد مع المصلين فلبس الزقرت ذلك «البشت»، وتمنطق بالخنجر وذهب للسلام على الشيوخ والمحبين. كان فرحاً بإنجازه، ولا يوم يضاهي ذلك اليوم للتجمل أمام الناس بما يليق بمقامهم وأذواقهم والأعراف والعادات السائدة. هكذا كان جمال أهلي وليت لنا من ذلك الجمال شيئاً.
للعارفين أقول، عندما تزوج ابن أختي وكان أول «بالخير» يتزوج في عائلتي، أحضرت له خنجر أبي ليلبسه في حفل الرجال. كان محيط خصر والدي 32 بوصة، بينما كان محيط خصر حفيده 42 بوصة، لذا عاد الخنجر إلى مكان تخزينه، وإن كانت النية في استخدامه صافية كنقاء الأجداد. أدعو الله في عام الاستدامة أن يعود الخنجر كرمزٍ للهوية الوطنية إلى حياة الشباب، فإننا كلما فقدنا عنصراً من عناصرها واجهتنا تحديات أكبر للعودة إلى نقطة كانت اليوم قريبة وغداً من المستحيلات.