يحتل الشاعر الشعبي الراحل راشد الخضر (1905- 1980) منزلة خاصة لدى جميع المهتمين بالأدب الإماراتي على اختلاف توجهاتهم، وذلك لموهبته الفذّة وتفرّده في اجتراح مفردات وصور شعرية غاية في الجمال وإثارة الدهشة. وسيظل الأثر الأدبي الذي تركه هذا المبدع الكبير حاضراً في تاريخ الشعر والأدب في الإمارات والخليج، حيث تأثر به كثيرون بداية من شعراء النبط وصولاً إلى شعراء الحداثة أيضاً. بما يكشف عن قدرة الشعر الحقيقي على تجاوز نمطية الأشكال والقدرة على الوصول إلى الأذواق كافة بعيداً عن هذه المدرسة أو تلك.
وتكتسب زيارة صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي، عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، مؤخراً إلى بيت الشاعر راشد الخضر الأثري، أهمية بالغة، لكونها تكشف عن اهتمام القادة في الإمارات بالأدب والتاريخ، وصيانة المنجز والموروث التقليدي لأبنائها. واستطاعت هيئة التنمية السياحية في عجمان أن ترمم هذا البيت وأن تجعله معلماً تاريخياً وموقعاً يستعرض حياة هذا الشاعر ويعرف بتجربته الإبداعية الكبيرة حتى ذاع صيته في منطقة الخليج كلها.
ويكتسب شعر راشد الخضر أهميته من قوة الخيال، وله مقطع شعري شهير يردده الجميع، وينمّ عن قدرته الفريدة في الجنوح إلى أبعد مما يتصوره الخيال. يقول:
طير شامي حل في سمره
يوم طار شل السمر كله
عق لي وسط البحر جمرة
واحترق ذاك البحر كله
في لقاءات جمعتني مع عدد من كبار المواطنين من أهل البحر، كنت أدهش من حفظ كثير منهم لشعر الخضر، حيث ذاع صيت شعره واشتهرت قصة سفره إلى دول الخليج وعمله هناك ومشاداته مع أهل الشعر في البحرين عندما قال لهم متفاخراً:
أنا ابن سالم ما مَرَّ الهوى سحرا..
إلا ونادى أهلاً راشد الخضرا
إن قمتُ قام الهوى يهتز من طربٍ
وإن جلست فإني سيّد الشُّعرا
سعى كثيرون إلى تدوين وتنقيح هذا الشعر الجميل، أبرزهم بالطبع المؤرخ الشاعر حمد بوشهاب، ثم لاحقاً أحمد راشد ثاني وسلطان العميمي وناصر النعيمي وراشد سالم السويدي وغيرهم. وهي كلها كنوز معرفية تركها لنا «شاعر الغزل».. فشكراً لهذه الجهود التي جعلت من بيت الشاعر مَعلماً مضيئاً في سماء الوطن.