مجدّداً، يتجلّى الثّقل الدولي لبلادنا مع قيادتها أجندة الاستدامة العالمية عبر استضافتها أكبر مؤتمر دولي وأهم تجمع عالمي يركز على التصدي لتداعيات تغيُّر المناخ، في محطة تاريخية جديدة تحمل رسالتنا، حكايتنا، قصتنا، طموحاتنا، ونهجنا الاقتصادي المستدام.
أكثر من 70 ألف شخصية من 198 دولة، بما في ذلك رؤساء وقادة حكومات ووزراء ومسؤولو شركات ومنظمات دولية وأكاديميون وإعلاميون سيستمعون في «كوب 28» لرؤية قيادة الإمارات حول مستقبل الكوكب، والتحديات التي تواجهها، والفرص التي يستطيع الجميع من خلالها تدارك قضية المناخ قبل أن تخرج عن السيطرة.
ويدرك المتابع للشأن الإماراتي، أننا جديرون بهذا الدور، حيث قطعنا مسافات بعيدة في قضية الاستدامة، وفق خطوات جريئة ورؤى طموحة تبنتها قيادتنا الرشيدة، ووضعت العمل المناخي في صلب استراتيجيتنا الوطنية للنمو والتنويع الاقتصادي.
فقبل عقدين من الزمان، أقمنا أول مدينة خضراء خالية من الكربون في العالم.. نجحنا في خلق مزيج متنوع من مصادر الطاقة، امتدت من «شمس 1» إلى «مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية» ثم «مجمع براكة للطاقة النووية السلمية»، ما ساهم في تدعيم الاقتصاد، ومهَّد الطريق لتحقيق مستقبل أكثر استدامة.
ومنذ التأسيس، اخترنا، تحقيق معادلة جديدة لاقتصادنا، بحيث لا يكون معتمداً على النفط أو مرتهناً لتقلبات الأسواق، واستطعنا إضافة قطاعات اقتصادية جديدة، في تجربة تنموية نموذجية، ووفق رؤية سعت لتحويل آثار ظاهرة التغير المناخي إلى فرص تنموية خلاقة، تعزِّز الاستدامة والتنوع، وجودة الحياة.
وكالعادة، لم نغفل عن الإنسان، فقد أعددنا أجيالاً تقود الآن اقتصاداً وطنياً مستداماً، لعل أحدهم هو الدكتور سلطان الجابر الذي يقود الآن رئاسة «كوب 28» بجدارة، واختير قبل أيام قلائل ضمن أقوى 100 شخصية دولية في قطاع المناخ.
استضفنا مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» منذ عام 2009.. ونفذنا العديد من المشاريع المتميزة بقطاع الطاقة النظيفة في الداخل والخارج، إضافة إلى إعلان مبادرة الحياد المناخي.. أطلقنا العديد من البرامج والمشروعات المتخصصة لإنتاج واستخدام الهيدروجين الأخضر، وغيرها الكثير ممن تضيق عنه هذه المساحة.
لقد كنا، ولا نزال، نعمل كل ما هو منطقي وصحيح ويخدم مصلحتنا ومصلحة البشرية.. نركز على التقدم التنموي، ونعمل في الوقت نفسه على خفض الانبعاثات من مصادر الطاقة الحالية، تزامناً مع بناء القدرات في مصادر طاقة المستقبل النظيف.
وتبقى الرسالة التي تتبناها بلادنا خلال «كوب 28»، وهي أن على العالم أن يبحث له عن مسار آمن، يحافظ من خلاله على مستقبله، ويتفادى الآثار المدمرة للتغيرات المناخية التي لم تعد شأناً يخص دولة بعينها أو منطقة دون أخرى، وبأن أجندة الاستدامة لن تمضي إلى آفاق أرحب دون تعاون العالم والوفاء بتعهداته.
سيستمر دورنا الفاعل في قيادة الحراك العالمي لإنقاذ الأرض من التغيرات المناخية، ولا يزال لدينا الكثير من الطاقة الإيجابية لإلهام العالم بصياغة أجندة لمواجهة تحديات الاستدامة الأكثر إلحاحاً، بما نملكه من «روح اتحادية» توقن بأهمية العمل الجماعي لمواجهة التحديات.