- جناح «بحر الثقافة» يعد إضافة جميلة لمعرض الكتاب كل عام، ورافداً من روافد ملتقياته وندواته، شعاره غير المكتوب؛ كيف يمكن أن نخدم الثقافة وندعمها بجهود شخصية وذاتية للارتقاء بمفهومها الشمولي خدمة للمجتمع والناس والوطن، «بحر الثقافة» له تلك الخصوصية الراقية، وميزة التفرد في مبناه ومحتواه، فهو عادة ما يضيف كل سنة لمسة جمالية في هندسة التصميم والطراز، وروحاً ملؤها الدفء والحميمية ونسيج العائلة المتناغمة، وحده من بين كل تلك الأجنحة من يمسك بيدك، ولا يدعك تمر، دون أن تقف، وتلقي التحية، وتجلسك عناوين الفعالية، جواب يفتح لك أفقاً، وسؤال تحمل ثقله على الكتف، ولا تعود تسير خفيفاً كما جئت، مكان لا يمكن أن تغادره دون أن يكون شيئاً من عطره فيك.. شكراً لسيدات الجمال الثقافي، فهناك الكثير مما يقال في عشق «بحر الثقافة»، وما يمكن أن يقرأ القارئون، ويكتب المسطرون!
- معرض أبوظبي للكتاب ليس بيعاً وشراء ومتاجرة في الكتب والقرطاس والصفحات الرقمية، إنه عرس ثقافي، يحمل لنا الأشياء الجميلة من جهات العالم المختلفة، ويدهشنا بفعالياته، جالباً لنا أصدقاء مختلفين ومتباعدين، ومقرّباً لنا خير الجلساء.. الكتاب قديمه وجديده، وصانعاً لنا أسبوعاً من المتعة والدهشة والمعرفة، معرض الكتاب صار أيقونة تليق بعاصمتنا الجميلة.
- هناك كتب مثل علب الصابون الفوّاح، عليها لمسة ذات لون وردي، وربما موسومة بخيط من ذهب، عناوينها تحمل آهات لا تقدر عليها، فلا تشك في أن  الكاتب أنثى، وربما جديد على الساحة، لكن لا تقرب ذاك الكتاب الذي يحمل بين طيّاته تلك الغواية، خوف أن يكون المحتوى مفسداً لذلك التبرج الأنثوي.. لذا تكتفي من بعيد برائحة «بودر التلك» التي توحي بالنظافة الدائمة!
- رأيت في المعرض كتابين متشابهين ومختلفين، ولا أدري إذا كل كاتب يرد على الآخر فيهما أو أنهما متعارفان ومتواطئان على تلك الكتابة المتعمدة، مثل الردود في القصائد أو النقائض، لكني بالتأكيد أستبعد أمر الصدفة والتوافق الفكري أو تداعي الأفكار، فعنوان الأول وهو بتصرف؛ «كيف تقتل امرأة دون أن يرف لك جفن، ولا تندم»، وترد عليه، وربما هي كاتبة بعنوان كتاب، وبتصرف؛ «كيف تغتال رجلاً بعنف ولا تندم»!
- هناك روايات أو كتب لا توحي لك إلا بعدم الاستقرار والتوتر، وذلك الضيق الذي يشبه الرطوبة والحر والريح في وقت واحد، بحيث تشعر أنك لا تعرف «وين الله حاطنك»، مثل كتاب عنوانه بتصرف أيضاً «فوق التراب، تحت السحاب، بين الغيوم، وسط النجوم»، وتعال اقرأ الإحداثيات إذا تستطيع لذلك العنوان الذي يشبه الغناء الصنعاني!
- هناك وجوه مغبرّة من حنقها على نفسها، ومن تبرمها من أهلها، ومن سخطها من وضعها المالي المتردي، ومن غيضها من ضحكة الناس الصادقة والعابرة -وكلها مشكلات تخص تلك الوجوه، ولا دخل الناس فيها- لكنك تجدها هي، ولون جناح الغراب سواء، وتزداد قَترة كل عام، فلا تعرف متى ترضى عن نفسها لتسامح الآخرين، ولا ترمي البلاء على الملأ!
- هناك مؤلفون تلقى أسماءهم أحسن من عناوين كتبهم، حتى لا تستطيع أن تفرق بين اسم المُؤلِف وعنوان المُؤلَف، مثل ذلك الذي لا تعرف اسمه، من قصده أو تأويل رسمه؛ «الصاحب جار النبي محمد كريم»، قال هذا اسم المؤلف، ولا يقصد به شيئاً آخر، طبعاً لازم يكون عنوان الكتاب «جبر الخاطر فيما جرى من وقائع الدهر الغابر، لمن سكن بيوت الشعر، وقطن دور المدر، أهل البوادي والحواضر» أو أي شيء فيه «دق صُبع وخُشبة.. طرا طو.. طو.. طو»!