في كتابها «عصر الإمبراطوريات.. كيف تتربع القوى المطلقة على عرش العالم وأسباب سقوطها»، تتطرق الدكتورة «إيمي شوا»، الأستاذة بكلية الحقوق في جامعة «يل» الأميركية، إلى أسباب القوة والضعف في صعود الإمبراطوريات وسقوطها، قائلة إن «مبدأ التسامح» هو الذي دفع هولندا لأن تصبح إمبراطورية وقوةً مهيمنة على الاقتصاد الرأسمالي لفترة غير يسيرة من التاريخ الأوروبي الحديث. كما أن التظاهر ببعض التسامح (وإن لم يكن أصيلا) ساعد على صعود الإمبراطورية العثمانية، حيث سمحت في عهودها الأولى لأصحاب الأديان المختلفة بممارسة أديانهم على الطريقة التي يريدونها طالما اعترفوا بحكم السلطان العثماني. وعلاوة على نبذ التسامح والجنوح نحو الاستبداد والتشدد، تذكر «شوا» أهم الأسباب التي دفعت الإمبراطورية العثمانية إلى السقوط، ومنها:
1- التعرض لهزائم عسكرية متتالية.
2- فقدان المزيد من الأراضي والأقاليم والولايات.
3- تحقيق الدول الأوروبية المنافسة مزيداً من التفوق على الصعيدين الاقتصادي والتكنولوجي.
4- امتداد النفوذ الغربي وتوسعه وفق إيقاع لم تستطع الإمبراطورية العثمانية إيقافه أو مواكبته.
5- تزايد الثورات الداخلية وحركات الرفض في مختلف الأقاليم، كرد فعل على حالة الجمود والتخلف والاستبداد التي طبعت حياة الدولة العثمانية.
6- تصاعد الشعور القومي في مختلف جهات الإمبراطوية، سواء كرد فعل على ممارساتها السلطانية الجائرة أو تأثراً بالفكر الأوروبي الحديث.
7- انتشار أجواء التعصب الطائفي ومشاعر الكراهية العرقية والدينية والمذهبية.. في مختلف أنحاء الإمبراطورية العثمانية كمظهر آخر للجمود الذي أدى إلى سقوطها.
وكمثال آخر، تذكر المؤلفة دور «التسامح النسبي» كسبب ساعد الإمبراطورية الإسبانية على توسعها الجغرافي وصعود حركتها الفكرية والثقافية والتجارية وزيادة عدد سكانها، مما أفضى إلى تضاعف حجم ناتجها وامتلاك القدرة على تأمين فتوحاتها وحصولها على العمالة المطلوبة التي لعبت دوراً مؤثراً في تطورها.. لكن عندما قلّ «تسامحها النسبي» تراجع معه صعودها وتوسعها، ثم كان انهيارها هي أيضاً، بعد أن مارست كل الأسباب المؤدية لذلك وأهمها:
1- التعصب.
2- الكراهية.
3- فكرة «نقاء الدم».
4- التراجع التقني.
5- الديون الأجنبية.
6- غياب أي دور حقيقي للقطاع المهني والصناعي.
7- الأوبئة العديدة التي أصابت الميزانية.
8- التطهير الديني.
وبالمقابل فإن «التسامح» الذي مارسته بريطانيا جعلها تصبح إمبراطورية عظمى تسيطر على كثير من بلدان العالم وتصبح المركز المالي الأول في العالم وعملاق الإنتاج في عصرها.. حيث سمحت للأشخاص من مختلف الجماعات العرقية والدينية بأن يصبحوا من مواطني بريطانيا العظمى. وتقول المؤلفة إن التناقض الذي وقعت فيه الإمبراطورية البريطانية وجعلها تنهار، هو كونها مارست التسامح بمبادئه وقيمه وأفكاره في الداخل، لكنها لم تمارسه في الخارج ولم تطبقه على مستعمراتها في الخارج، خاصة الهند. وتضيف «شوا» أسباباً ومؤشرات أخرى لعبت دوراً مؤثراً في انهيار الإمبراطورية البريطانية:
1- ازدياد معدل التعصب.
2- الكلفة الباهظة لضمان التقاعد.
3- أعباء الديون الخارجية.
4- انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني.
5- الانخفاض النسبي في مجال الصناعة البريطانية.
6- الزيادة المطردة في كلفة المحافظة على المستعمرات.
7- موجات العنف العرقي والديني.