تُضاف نجاحات دولة الإمارات العربية المتحدة في مواجهة تحدي «كوفيد-19» إلى إنجازات تاريخية عملاقة توالت خلال أقل من أسبوعين، متمثلةً في إطلاق «مسبار الأمل»، وبدء تشغيل مفاعل براكة النووي، في إشارة إلى أن النجاح ليس وليد الصدفة، وإنما ثمرة رؤية متبصرة وحكيمة لقيادة لا تعترف بالمستحيل، وتخطيط سليم، وجهود مضنية يجتمع فيها العلم والمعرفة من جهة، والإخلاص والانتماء من جهة أخرى.
وجاء افتتاح العيادة الميدانية، التي ستتولى مهمة تسجيل المتطوعين وفحصهم، من أجل المشاركة في تجارب المرحلة الثالثة من لقاح «كوفيد-19»، في مركز أبوظبي للمعارض (أدنيك)، الأحد الماضي، ليكون خطوة مهمة في الوصول إلى الهدف الذي تعمل من أجله معظم الدول والشركات والمنظمات الصحية في العالم، ولتواصل دولة الإمارات إسهامها في حل مشكلات الإنسانية، اعتماداً على الإنجازات العلمية الكبرى، ولتعزز مسيرتها من أجل أن تكون أفضل دول العالم قبل الموعد المحدَّد، وهو عام 2071.
ويعكس الوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة في اختبار اللقاح الواعد، وهو محصلة شراكة علمية بين مجموعة «جي 42» الإماراتية وشركة «سينوفارم سي إن بي جي»، التي تحتل المركز السادس في قائمة أكبر الجهات المنتجة للقاحات في العالم، سعي دولة الإمارات الدائب إلى احتلال مكان متقدم على خريطة التقدم العلمي والبحث العلمي في العالم، ومدّ يد التعاون وإقامة الشراكات من أجل خير الإنسانية، وحل المشكلات «العويصة» التي تواجهها الآن وفي المستقبل.
ويشير اختيار أبوظبي لإجراء اختبارات اللقاح إلى الثقة العالمية بالقطاع الصحي، وبتوافر الإمكانيات البشرية والعلمية اللازمة، كما أن التنوع البشري والعرقي الذي تتسم به يجعل هذه التجارب قابلة للتطبيق في جميع أنحاء العالم، وقد انعكس المناخ الاجتماعي السليم والثقة بمؤسسات الدولة في تقدُّم أعداد ضخمة، تنتمي إلى 20 جنسية، للتطوع لإجراء التجارب الصحية عليها. 
ولفهم ضخامة المهمة، ومدى دقتها وحاجتها إلى تضافر جهود مؤسسات مختلفة تمتلك الكفاءة والخبرة، مثل دائرة الصحة- أبوظبي، وشركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة) اللتين تشاركان في هذه الجهود، يكفي أن نعرف أن المهمة تحتاج إلى مشاركة خمسة عشر ألف متطوع، يُتابَعون صحياً لمدة 42 يوماً، ويزور المتطوع خلالها مراكز التجارب السريرية 17 مرة، على الأقل، لمراقبة وضعه الصحي وفحص نتائج اللقاح، وسيَخضع المتطوعون أيضاً لمتابعة دورية واستشارات عن بُعد لمدة قد تصل إلى ستة أشهر.
إعلان افتتاح العيادة الميدانية، الذي يُنتظر أن يليه افتتاح مراكز في أماكن أخرى بالدولة للغرض نفسه، جاء وسط نجاحات أخرى في كبح جماح «كوفيد-19»، تكشف عنها الإحصاءات، فلم تُسجَّل أي وفاة ليومين متتاليين، هما السبت والأحد 1 و2 أغسطس الجاري، وفي هذين اليومين أيضاً سُجّلت زيادة ملحوظة في حالات الشفاء، وتراجع في حالات الإصابة الجديدة، فقد بلغ عدد الإصابات الجديدة السبت 1 أغسطس 254 إصابة، وحالات الشفاء 346 حالة، ويوم الأحد 2 أغسطس سُجِّلت 239 إصابة جديدة، و360 حالة شفاء، وحتى صباح أمس الاثنين 3 أغسطس، سُجلت 54615 حالة شفاء من مجموع 60999 حالة إصابة منذ ظهور الوباء.
وتكتسب هذه الأرقام دلالة أكبر عند النظر إلى عدد فحوص الكشف عن الفيروس، إذ بلغ عددها حتى صباح أمس الاثنين 5162080، وقد شهد يوما السبت والأحد الماضيان إجراء 43268 و42428 فحصاً على التوالي، وبحساب هذا المعدل اليومي، يُنتظر أن يقارب عدد الفحوص نحو 6.4 مليون فحص، متجاوزاً الرقم الذي أعلنت الدولة سعيها لبلوغه في نهاية أغسطس الجاري، وهو 5.5 مليون فحص، لتتصدر الإمارات دول العالم في هذا الجانب، ولتؤكد أن ما تحققه من نجاحات كبرى، كمّاً وكيفاً، هي نجاحات تستحقها بجدارة.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية