لا تتوقف الخطوات التي تضمن توفير أفضل فرص الحياة لكل من يقيم على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة الطيبة؛ لأن هذا هو أحد أهم الأهداف التي وضعتها القيادة الرشيدة نصب عينيها، ووجهت كل مؤسسات الدولة إلى الحرص عليها والعمل من أجلها. وإذا كان الواقع يحمل متغيرات تفرض صعوبات وتحديات جديدة كل يوم، فإن دولة الإمارات تستعد لمواجهتها، أولاً: عبر خطط استباقية تركز على الاستعداد الكامل والجاهزية العالية، وثانياً: من خلال المرونة والتحرك السريع والاستجابة للمتغيرات.
وفي هذا الإطار، تأتي الخطوة الأخيرة التي أعلنها «مركز أبوظبي للصحة العامة»، تحت إشراف «دائرة الصحة- أبوظبي»، بتسيير عيادات متنقلة لخدمة كبار السن وذوي الأمراض المزمنة، وتقديم الرعاية الطبية لهم، وإجراء الفحوص الدورية التي يحتاجون إليها، وتضمن هذه العيادات المتنقلة -التي تمارس عملها بالتنسيق مع مؤسسات صحية عامة وخاصة- تقليص فرص تعرَّض كبار السن ومن يعانون أمراضاً مزمنة للإصابة بفيروس «كوفيد-19»، والمضاعفات الصحية الخطيرة، التي يمكن أن تنجم عن ذلك.
وهذه الخطوة الجديدة تلي خطوات سابقة، ضمن برنامج «الرعاية الصحية لكبار المواطنين والمقيمين، والذين يعانون أمراضاً مزمنة»، روعي فيها تجنيبهم خطر الاختلاط بآخرين في أماكن يمكن بطبعها أن تكون مصدراً للعدوى، مثل المستشفيات والمؤسسات الصحية، ومساعدتهم على البقاء في منازلهم وأماكن إقامتهم، ويسعى البرنامج إلى تقديم التوعية الصحية لهاتين الفئتين بكيفية الاستفادة من نظام الرعاية عن بعد، والتواصل الآمن مع الجهات الصحية المعنية لمتابعة الحالة الصحية للمستفيدين من البرنامج، واتخاذ الإجراءات السريعة، التي تضمن توفير الرعاية الصحية الكاملة، في حال الإصابة أو الاشتباه بها.
ولتوضيح الجانب الاستباقي، الذي أُشير إليه أعلاه، يمكن الإشارة إلى قانون إنشاء «مركز أبوظبي للصحة العامة»، الذي تتوالى مبادراته ومشروعاته وبرامجه الصحية في هذا الظرف الدقيق، بتاريخ 20 مايو 2015، فقد كان ضمن المهام المحدَّدة له «تعزيز مفاهيم الصحة العامة والصحة الوقائية»، والعمل على «وضع معايير الصحة العامة والصحة الوقائية وفق أفضل الممارسات»، وبشكل أكثر تحديداً كان من مهام المركز المشاركة في «عمليات الاستجابة للحالات الطارئة للأوبئة والأمراض المعدية والكوارث الطبيعية والتلوث الكيميائي والتلوث الإشعاعي والنووي بالتنسيق مع الجهات المعنية»، وحين ظهر خطر فيروس «كوفيد-19»، في بداية العام الحالي، كان المركز في أعلى مستوى الجاهزية لأداء دوره على أكمل وجه.
ولا تنفصل هذه الخطوات في المجال الصحي عن الاهتمام الذي يحظى به كبار السن في دولة الإمارات منذ وقت طويل، والتقدير الذي يلمسونه من القيادة الرشيدة ومن المجتمع، انطلاقاً من التقاليد الراسخة الجذور في الثقافة الإماراتية والعربية والإسلامية التي تُعلي من شأن احترام كبار السن، وتربي أبناءها على توقيرهم وتبجيلهم، وقد تجلى ذلك في توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، باستخدام تعبير «كبار المواطنين» بدلاً من «كبار السن» إجلالاً لهم، إلى جانب اعتماد مجلس الوزراء الإماراتي «السياسة الوطنية لكبار المواطنين» في 21 أكتوبر 2018، متضمنة سبعة محاور أساسية، هي: الرعاية الصحية، والتواصل المجتمعي والحياة النشطة، واستثمار الطاقات والمشاركة المدنية، والبنية التحتية والنقل، والاستقرار المالي، والأمن والسلامة، وجودة الحياة المستقبلية.
وتنطوي هذه الخطوة الصحية الأخيرة، بتسيير عيادات متنقلة لخدمة كبار السن وذوي الأمراض المزمنة، على ملمح مهم آخر، وهو تأكيدها الرعاية المتساوية ذاتها لفئتي كبار السن وذوي الأمراض المزمنة من مواطني الدولة والمقيمين على أرضها سواء بسواء، دون أي نوع من التفرقة، وليس هذا غريباً في دولة الإمارات، التي آمنت منذ لحظة تأسيسها بحق البشر جميعاً في الحياة الكريمة، وأقامت سياستها على المبادئ الإنسانية والقيم الأخلاقية العليا.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية