هل يمكن أن يكون التغير المناخي مروعاً بسبب أحداث «البجعة السوداء» (وهي النظرية التي طوَّرها في التسعينيات عالم الاقتصاد، نسيم نيكولاس طالب، بهدف وصف أحداث ضخمة غير متوقعة من اكتشافات وعمليات تقدم تكنولوجي إلى أزمات مالية وحوادث إرهابية كبرى) - مخاطر منخفضة الاحتمال وعالية التأثير وغير مرجحة؟ أم أنه مرتبط بما هو معروف جيداً، ومحدد بالفعل، ومن المرجح جداً حدوثه ما لم يخفض العالم الانبعاثات بشكل كبير؟ وهل الاختلاف مهم؟
عادةً ما تكون العناوين الرئيسية مدفوعة بالأفكار المتطرفة: حالات الجفاف والفيضانات والحرائق والأعاصير المدارية وسجلات درجات الحرارة والكوابيس الأخرى، التي هي حقيقية اليوم والمتوقع حدوثها في المستقبل القريب وليس القريب جداً، من السهل أن ترى هذه العناوين وتريد أن تبدو «عقلانياً»، من خلال مواجهة «ذعر» المناخ «العاطفي».
هذا التفكير له عيبان أساسيان، أولاً، حتى أكثر التوقعات المعتدلة لما هو محتمل أن يحدث سيئة بما يكفي، وتشير إلى الحاجة الحقيقية لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بسرعة فائقة، ثانياً، فإن المخاطر ذات الاحتمال المنخفض والتأثير المرتفع، تجعل العمل الآن أكثر جاذبية، أما عدم اليقين فهو ليس مستحباً.
منذ قرابة شهر تم نشر تقييم جديد حاسم، حول أحد أهم الأسئلة الأساسية لعلوم المناخ: العلاقة بين ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ومتوسط الاحترار العالمي، لأكثر من 40 عاماً، كان الجواب على السؤال عن مدى ارتفاع درجات الحرارة، عندما يتضاعف ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، هو أن المتوسط «المحتمل» يتراوح من 1.5 إلى 4.5 درجة مئوية، لقد تغير تعريف المعنى «المحتمل» على مر السنين، بالكاد انحرف النطاق نفسه، يضيق هذا التقييم الجديد النطاق «المحتمل» إلى 2.6 إلى 3.9 درجة مئوية.
هذه أخبار جيدة، وأخبار سيئة، فهي أخبار جيدة، لأن تغير المناخ أصبح أكثر قابلية للتنبؤ به، وعلى أي حال، فإن عدم اليقين نفسه مكلف.
وهي أخبار سيئة بالنسبة لبقيتنا، يبدو أننا لن نكون محظوظين، فأفضل حالة محتملة لم تعد تتضمن أي شيء قريب من 1.5 درجة مئوية، زاد هذا الرقم بنحو درجة إلى 2.6 درجة مئوية. 
تغير المناخ الجامح هو مقامرة كوكبية، لا ينبغي أن يكون أحد على استعداد لخوضها، في الواقع، قد تكون هذه المخاطر ذات احتمالية منخفضة، والتي عند حدوثها ستكون لها تأثيرات كبيرة، وقد أطلق عليها «مارتن وايزمان»، عالم الاقتصاد بجامعة هارفارد، «نظرية ضعيفة»، وكتابنا الذي يحمل عنوان «صدمة المناخ» هو تفسير لذلك بالضبط. والمثير للدهشة بالنسبة لي، أن افتراضاتنا في هذا الكتاب كانت متحفظة للغاية، لدرجة أنها تتوافق تقريباً مع نطاق درجات الحرارة الأضيق الجديد.
لطالما تطلعت السياسة المناخية نحو محاولة الحفاظ على متوسط الزيادة في مستوى الاحترار العالمي إلى ما دون 2 درجة مئوية – أو من الأفضل أن تكون 1.5 درجة مئوية -لسبب وجيه، التقديرات الحالية لمعظم الاقتصاديين عن الأضرار المناخية لهذه الزيادات في درجات الحرارة سيئة للغاية، ما يعني أن الأضرار المناخية تزداد بلا هوادة مع ارتفاع درجات الحرارة.
كل هذا يعيدنا إلى كيفية التفكير في تغير المناخ، الذي يدور حول ما يحدث هنا والآن، وما هو معروف، فالنتائج الأكثر ترجيحاً لتغير المناخ التام باهظة التكلفة، وكان يجب أن تدفع العالم إلى اتخاذ إجراءات أكثر طموحاً منذ فترة طويلة، وتغير المناخ يدور أيضاً حول عدم القدرة على التنبؤ، حتى الاحتمالية المنخفضة لنتائج درجات الحرارة المتوسطة القصوى يجب أن تقود العمل اليوم، علاوة على ذلك، هناك صلة حاسمة بين الزيادات الصغيرة حتى في متوسط درجات الحرارة العالمية والزيادات السريعة في الطقس المتطرف، ما هو معروف ومحدّد هو أمر مثير للقلق بدرجة كافية، ما هو لم يُعرف بعد يزيد من الحاجة إلى طموح في سياسة المناخ.

*كاتب متخصص في قضايا البيئة ومشارك في كتاب «صدمة المناخ»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلرمبيرج نيوز سيرفس»