يُتهم البنك المركزي الأوروبي عادةً بأنه متخلف خطوة عن مجلس الاحتياط الأميركي، حين يتعلق الأمر بالتصدي للركود. وقرار بنك «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي» بتعديل السياسة النقدية في الأيام القليلة الماضية، قد يترك «المركزي الأوروبي» يبدو كما لو أنه متخلف عن الركب مرة أخرى. وهذه التعديلات التي تتضمن الوصول لمعدل متوسط من التضخم لا صلة لها تقريباً بعالم اليوم، الذي لا تحقق فيه البنوك المركزية أهدافها. لكنها تشير إلى مدى استعداد صناع السياسة للمضي قدماً نحو تعزيز النمو. ومع استعداد «المركزي الأوروبي» لإصلاح سياسته، يجب ألا يصبح المتلكئ الأبدي. 
وهناك اختلافان أساسيان بين نظام السياسة النقدية في «المركزي الأوروبي» و«الاحتياط الفيدرالي». أولاً، تركز السياسة النقدية للأول على استقرار الأسعار، وتأخذ في الحسبان فرص العمل وأهداف أخرى. وفي المقابل، لدى الاحتياط الفيدرالي تفويض «ثنائي» خاص بالتضخم والبطالة. ثانياً، استهدف صُناع سياسة «المركزي الأوروبي» معدل تضخم «أقل»، لكن قريب من 2%، في مقابل هدف «الاحتياط الفيدرالي» المتمثل في نسبة 2% صريحة. والآن، يعيد «جاي باول»، رئيس «الاحتياط الفيدرالي»، هيكلة الأهداف الأميركية بطريقتين مهمتين. وكبداية، أعلن «الاحتياط الفيدرالي» أنه سيسعى إلى الحفاظ على متوسط تضخم يبلغ 2%، مما يعني أنه سيتسامح مع فترات من نمو الأسعار بسرعة أكبر لتعويض الحلقات السابقة من عدم تحقيق معدلات التضخم المستهدفة. ولن يشدد أيضاً السياسة النقدية في أعقاب حدوث بطالة منخفضة للغاية، ما لم يكن هذا مدمراً لاستقرار الأسعار. 
وكلا هذين التعديلين يشيران إلى أن «الاحتياط الفيدرالي» سيكون أكثر صبراً بشأن رفع المعدلات. ونظرياً، يجعل هذان التعديلان «الاحتياط الفيدرالي» يبدو أكثر اهتماماً من «المركزي الأوروبي» بدعم الاقتصاد لفترة طويلة. وفي الممارسة، ليست هذه الاختلافات كبيرة للغاية. فالتضخم ليس مشكلة تقريباً، في الوقت الذي ترهق فيه الجائحة كاهل الاقتصاد وتقيد بشدة نمو الأجور والأسعار. ونتيجة لهذا، قلص الاحتياط الفيدرالي والمركزي الأوروبي بقيادة «كريستين لاجارد» معدلات الفائدة كثيراً إلى مستويات منخفضة قياسية، ودشنا طائفة من البرامج الكبيرة والمرنة لشراء الأصول. وتعهد الاحتياط الفيدرالي بإبقاء التضخم فوق 2% خيالي نوعاً، ولم يتضح أيضاً كيفية وصوله إلى 2% بطريقة مستدامة. 
وعلاوة على هذا، فإن «المركزي الأوروبي» ليس مبالغاً في صرامته بشأن أهدافه. فقد أوضح مسؤولوه أن هدفهم الخاص بتضخم «أقل لكن قريب من 2%» لا يمثل سقفاً. وهذا يعني أن «المركزي الأوروبي» سيتحلى بالصبر تجاه رفع المعدلات وإنهاء مبيعات الأصول، لأنه متهم بالمثل بجعل التضخم أقل من الهدف أو فوقه. بالإضافة إلى هذا فمنذ رئاسة «ماريو دراغي»، ركز البنك المركزي الأوروبي أكثر على التوظيف. ومن الصعب تخيل أنه سيتبع سياسة نقدية مختلفة، حتى لو كان لديه تفويض ثنائي مثل الاحتياط الاتحادي. 
لكن مع مضي الاحتياط الاتحادي قدماً، سيكون من الخطأ أن يتوقف المركزي الأوروبي. وبسبب الجائحة، أرجأ البنك المركزي لمنطقة اليورو مراجعته لسياسته النقدية، وهي أول مرة في منذ ما يقرب من عقدين. وأظهر «الاحتياط الفيدرالي» أنه من الممكن خوض حرب اليوم، مع الاستعداد للحرب القادمة. وكما جادلت من قبل، يجب على «المركزي الأوروبي» أن يمضي قدماً في سبيل تحقيق نسبة 2% الصريحة، وهو ما قد يوضح أهداف البنك المركزي. وقد يفكر أيضاً في انتقال إلى هدف متوسط التضخم، لكن صناع السياسة يجب أن يحتاطوا بشأن سلبيات هذه النهج. فإذا زاد التضخم على 2%، قد يتعرض المصرفيون في البنوك المركزية لضغوط للتراجع عن وعودهم السابقة ويشددون السياسة. وهذا قد يجعل التزامهم المبدئي أقل قابلية للتصديق. 
وقد قطع المركزي الأوروبي طريقاً طويلة منذ العمل باليورو. وأثناء الجائحة، تحلى بالقدر نفسه من المرونة والابتكار مثل الاحتياط الاتحادي. وقد حان الوقت لوضع بعض التعديلات في صورة موثقة. وكلما عجل صناع السياسة بهذا، كان أفضل.
*صحفي متخصص في الشؤون الاقتصادية 
*ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»