19 عاماً مرّت على جريمة «11 سبتمبر» التي استهدفت الولايات المتحدة الأميركية بالغدر والحيلة وقتل المدنيين الآمنين بلا ذنب ولا خطيئة، بتخطيط كامل من «تنظيم القاعدة» وزعيمه «بن لادن» ودعمٍ من دولة عربيةٍ صغيرة، ودولة إقليمية ذات مشروعٍ طائفيٍ.

قبل ثلاثة أيامٍ ألقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب كلمة بهذه المناسبة، يمجّد فيها الأبطال الأميركيين، الذين قضوا في تلك الجريمة، وأولئك الذين سعوا للثأر ومعاقبة المجرمين الإرهابيين، وبقية القصة معروفة.
نجحت تلك الجريمة في إيقاظ حس الردّ وإرادة الانتقام لدى صانع القرار في أقوى امبراطورية عرفها التاريخ، وبالفعل أسقطت أميركا نظامين سياسيين في أفغانستان والعراق، ولئن كان مفهوماً إسقاط حكم حركة «طالبان»، التي آوت «بن لادن» وتنظيمه، قياداتٍ وأفرادٍ، فإن الذي لم يزل غير مفهومٍ بعد مضي نحو عقدين من الزمان، هو إسقاط نظام «صدام حسين» في العراق، بسبب جريرة إرهاب 11 سبتمبر.
قامت حربٌ دوليةٌ على الإرهاب لمدة عشر سنواتٍ، تلاحق تنظيم «القاعدة» تحديداً، وفروعه حول العالم، شاركت فيها دولٌ كثيرةٌ ومنها دول الخليج العربي، باستثناء دولة صغيرة كانت تدعم التنظيم، والسعودية والإمارات بشكل خاص كانتا فاعلتين بشكل مؤثرٍ في تلك الحرب.
لم تنته الحرب بشكل قاطعٍ لعدة أسباب، يقف على رأسها تحديد الغاية من هذه الحرب، هل هي مجرد الانتقام وشفاء الغليل، أم هي القضاء المبرم على الإرهاب واقتلاعه من الجذور؟ وللجواب على سؤال مفصلي بهذا الحجم، افترقت طرق الحلفاء في تلك الحرب، فحين اتجهت إدارة أوباما للتحالف مع أصل الإرهاب وأمه وأبيه «جماعة الإخوان» ودعمتها، فيما كان يعرف بـ «الربيع العربي»، لتولي الحكم والسلطة في الدول العربية، وقفت الدول العربية القائدة والرائدة في مصر والسعودية والإمارات وقفة تاريخية، بتصنيف الجماعة جماعةً إرهابيةً تجرمها الأنظمة والقوانين.
لماذا استهدفت أميركا العراق وتركت إيران؟ هذا سؤال معلّقٌ لم تتم الإجابة الواضحة عليه بعد، بالرغم من أن إيران حليفة «الإخوان» هي من وفرت التدريب والتسليح لكوادر «القاعدة»، وهي من آوت القيادات الفاعلة من التنظيم، وهي من بنت شبكة من العلاقات الداعمة له من جماعة «الإخوان»، إلى جماعة «السرورية» وكل جماعات الإسلام السياسي، وهو من أخطر ما أكده الكتاب الطويل لسفر الحوالي «المسلمون والحضارة الغربية»، بعدما كان الباحثون المختصون يرصدونه ويشيرون إليه.
الترددّ الغربي العميق عن اتخاذ أي إجراء ضد «جماعة الإخوان»، يشير إلى أمرين مهمين، الأول: هو الجهل بحقيقة هذه الجماعة وخطابها وأيديولوجيتها، والثاني: هو طول الدعم الذي قدمه الغرب لهذه الجماعة منذ تأسيسها والاستثمار السياسي فيها، وهما أمران لم يزالا يمنعان من القضاء على الإرهاب بشكل فاعلٍ، ولو تم حسم هذين الأمرين، لما خرج «تنظيم داعش»، ولا تفشت تنظيمات الإرهاب وميليشياته، من العراق إلى ليبيا، ومن اليمن إلى سوريا ولبنان.
اقتنعت الدول العربية وقياداتها أنها وإنْ لم تنجح في إقناع الدول الغربية الكبرى، فإنها ستحمي نفسها وشعوبها من شرور هذا الإرهاب، وصنفت الجماعة إرهابية، ومضت بحثاً عن المستقبل والتنمية والتقدم، وكان لدولة الإمارات قصب السبق في ذلك.
في موضوع إسرائيل وما يثار حول السلام الخليجي، فمن المهم أن يستحضر الناس أن رئيس «الإخوان» في مصر كان يخاطب رئيس إسرائيل بعزيزي وصديقي العظيم، وكان مستعداً مع «حماس» بالتخلي عن غزة ومنح مواطنيها وطناً بديلاً في سيناء.
أخيراً، فما لم ينتبه صانع القرار في الدول الغربية بالخطر الذي تمثله «جماعة الإخوان»، فستعود 11 سبتمبر جديدة.