بينما كنتُ أتابع المناظرة الرئاسية بين ترامب وبايدن، خطرت لي رؤية: تخيلتُ المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، قد التأم أيضاً لمتابعة المناظرة، ولكن أعضاءه قرروا جعل الأمر مرحا أكثر : في كل مرة يتفوه فيها ترامب بشيء محرج لأميركا. 
ولكن، كيف لهم ألا يكونوا كذلك؟ لقد كانوا يتابعون شيئا لم يسبق لهم أن رأوه من قبل: سلوك غريب للإدارة الأميركية.  
ولكن من يمكنه أن يلوم الصينيين لتشفيهم؟ الوباء الذي بدأ في ووهان وتم احتواؤه في الصين، في الوقت الراهن، ما زال يدمر اقتصاد أميركا ومواطنيها – رغم أننا كنا نتوقع كل ذلك. 
للأسف، لسنا من نظن أنفسنا.
لقد كان يفترض أن يكون كوفيد 19 بمثابة تشرنوبل الصين، ولكنه صار في نهاية المطاف أشبه بمعركة ووترلو بالنسبة للغرب. وهذه هي الفكرة التي يقدمها جون ميكلذويت وأدريان وولدريدج في كتابهما الصادر حديثا «نداء الإيقاظ.. لماذا كشف الوباء ضعف الغرب وكيف يمكن إصلاح ذلك». 
وفق قسم رصد فيروس كورونا التابع لجامعة جون هوبكنز، فإن أميركا سجلت 65.74 وفاة بسبب كوفيد من أصل كل 100 ألف شخص، أو نحو 216 ألف وفاة كمجموع. هذا في حين خسرت الصين 0.34 في كل 100 ألف، أو نحو 4750 شخصا. قد يقول قائل إن الصين لا تخبرنا بالحقيقة. حسنا، في هذه الحالة لنضرب ذاك العدد في أربعة، مع ذلك، تظل الصين أحسن من الولايات المتحدة بكثير في ما يتعلق بحماية شعبها. 
ففي ووقت سابق من هذا الشهر، وبعد أيام على تحول بيت ترامب الأبيض إلى بؤرة للوباء وتخوف ملايين الأميركيين من إرسال أطفالهم إلى المدرسة، عرفت الصين، التي تسجل قرابة صفر حالة إصابة محلية، تقاطر الملايين من مواطنيها على محطات الحافلات ومحطات القطار والمطارات من أجل السفر عبر بلدهم بمناسبة عطلة وطنية. وفي 1 أكتوبر، نقلت خدمة بلومبيرج الإخبارية أن «اليوان الصيني أخذ يلفت الانتباه كملاذ من التقلبات بعد أفضل ربع له منذ 12 عاما». وفي سبتمبر، ارتفعت واردات الصين وصادراتها معا. 
لقد كان هذا هو حالنا نحن الماضي!
الواقع أنه حتى تتعافى أميركا سيتطلب الأمر، بداية، مخططا وطنيا للتعاطي مع كوفيد 19. الصين كان لديها مخطط: إذ استخدمت كل أدوات نظام المراقبة لتتبع المصابين بفيروس كورونا وتعقبهم والسيطرة على انتشار الفيروس. وقد أثبتت بعض تكنولوجيا التعرف على الوجوه الصينية أنها مفيدة جدا لدرجة أن المرء لن يضطر لخلع كمامته. فعيناه والجزء العلوي من أنفه تفي بالغرض. 
أميركا لا يمكنها. استخدام هذه الاستراتيجية. فنحن ليست لدينا حكومة من هذا النوع (بعد)، غير أننا فشلنا في إنتاج إجماع ديمقراطي على القيام بالمهمة نفسها. 
في 28 مارس، قال ترامب: «إن بلدنا في حرب مع عدو غير مرئي»، متعهداً بحشد «القوة لكاملة للأمة الأميركية» من أجل هزمه. ولكن ذلك لم يحدث أبدا. ففي ما عدا المستجيبين الأوائل وعمال الصحة، كانت أعمال التضامن العام والرغبة في التضحية زمن الحرب في الحد الأدنى أو شبه منعدمة. 
لماذا؟ ليس لأن الديمقراطيات عاجزة عن الحكم في زمن الأوبئة – فكوريا الجنوبية واليابان وتايوان ونيوزيلندا أبلت بلاء أحسن منا. ولكن لأن لدينا ثقافة فردية فريدة من نوعها، ونظام تقاسم سلطة محلي-ولائي-فدرالي مجزأ للغاية، ونظام صحة عامة هشا، وجسما سياسيا منقسما، وحزبا جمهوريا لديه نموذج عمل يقوم على إصابة واشنطن بالشلل، والكثير من الناس الذين يستقون أخبارهم من وسائل التواصل الاجتماعي التي تُضخم نظريات المؤامرة وتدمر الحقيقة والثقة. 
في آخر وباء كبير ضرب أميركا، في 1918، لم يكن كثير من الأميركيين يعارضون ارتداء الكمامات، لأن زعماءهم طلبوا منهم أن يفعلوا ذلك وكانوا يقودون عبر إعطاء القدوة. 
ونتيجة لذلك، لا نستطيع أبدا أن نناقش بشكل عقلاني أنواع «المقايضات» او «التنازلات» التي ينبغي لديمقراطية مثل ديمقراطيتنا وثقافة مثل ثقافتنا القيام بها. 
وخلاصة القول إن المرض الذي نعاني منه اليوم هو شيء لا يمكن أن يعالج بلقاح كوفيد 19. لقد فقدنا الثقة في بعضنا البعض وفي مؤسساتنا وفقدنا فهما أساسيا لما هو صحيح – والحال أن كل ذلك ضروري من أجل التغلب على أزمة صحية معا. هذه الأشياء لقد كانت لدينا في الحروب السابقة، ولكن ليس في حروب اليوم. 
وشخصيا، أعتقدُ أن جون بايدن رُشح من قبل «الديمقراطيين»، ولديه فرصة حقيقية للفوز، لأن هناك ما يكفي من الأميركيين يدركون بالحدس أننا مريضون بسبب التفكك والانقسام وعدم الوحدة، وربما يستطيع بايدن تغيير ذلك. فوز بايدن لن يكون كافيا لجعل أميركا بصحة من جديد – سياسيا وماديا – ولكنه ضروري. 

*كاتب وصحافي أميركي 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»