في المرحلة الحاسمة الراهنة التي تشهد تغيرات لا مثيل لها منذ مائة سنة، والوضع المعقد والخطير الناجم عن وباء كورونا، عقدت الصين بنجاح الجلسة الخامسة الكاملة للجنة المركزية الـ19 للحزب الشيوعي الصيني، التي تعد اجتماعاً مهماً. 
استعرضت هذه الجلسة إنجازات أحرزتها الصين خلال فترة الخطة الخمسية الـ13 للتنمية الاقتصادية والاجتماعية (2016 - 2020) التي توشك على الانتهاء. في هذه السنوات الخمس، حققت الصين انتصاراً حاسماً لإنجاز بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل، وشهدت قوتها الاقتصادية والتكنولوجية، فضلاً عن قوتها الوطنية المتكاملة، قفزة إلى مستوى جديد. هذا، ولفتت نتائج القضاء على الفقر أنظار العالم، حيث تم تخليص 55.75 مليون فقير ريفي من براثن الفقر. حافظ حجم ناتج الحبوب السنوي على ما يتجاوز 650 مليار كيلو غرام لمدة 5 سنوات متتالية، وارتفع مستوى معيشة الشعب بشكل ملحوظ، بالتوازي مع دخول التعليم العالي إلى مرحلة التعميم. كما تم إنشاء أكبر نظام ضمان اجتماعي عالمياً، حيث إن التأمين الطبي الأساسي يغطي 1.3 مليار شخص وتأمين المعاشات الأساسي يغطي ما يقرب من مليار شخص. 
أقرت هذه الجلسة بـ «مقترحات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، بشأن صياغة الخطة الخمسية الـ14 للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والأهداف طويلة الأجل حتى عام 2035»، مما حدّد المبادئ التوجيهية والأهداف والمهام والخطوات الرئيسية في السنوات الـ5 المقبلة والسنوات الـ15 المقبلة، كل على حدة. تركز الأهداف الرئيسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للصين خلال فترة «الخطة الخمسية الـ14»، على 6 نقاط رئيسية، ألا وهي إحراز نتائج جديدة في التنمية الاقتصادية، والتقدم بخطوات جديدة في الإصلاح والانفتاح، وتحقيق ارتفاع جديد لمستوى التحضر الاجتماعي، وتحقيق تقدم جديد في بناء الحضارة الإيكولوجية، والوصول إلى مستوى جديد لرفاهية الشعب، وتحقيق ارتفاع جديد لفعالية حكم الدولة. ستولي هذه الخطة مزيداً من الاهتمام برفع جودة النمو الاقتصادي وتحسين الهيكلة، وتسريع وتيرة إقامة معادلة جديدة للتنمية تستند إلى الدورة الاقتصادية المحلية، مع التفاعل الإيجابي بين الدورتين المحلية والدولية. طرحت «المقترحات» الأهداف طويلة الأجل حتى عام 2035 التي تركز على 9 جوانب، منها الاقتصاد وسيادة القانون والثقافة ومعيشة الشعب، وتحتوي على وصول نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي إلى مستوى الدول المتقدمة بشكل معتدل، وتحقيق اختراقات مهمة في التقنيات الجوهرية، والحفاظ على انخفاض انبعاثات الكربون بعد بلوغ ذروتها.. وإلخ، بما يرسم مستقبلاً مشرقاً تحقق فيه الصين التحديث الاشتراكي بشكل أساسي بحلول عام 2035. 
في سياق آخر، تواجه العولمة الاقتصادية حالياً التيار المعاكس في ظل تصاعد النزعة الأحادية والحمائية، والتداعيات العميقة الناجمة عن وباء كورونا. تبوأت الصين مركز الطليعة عالمياً من حيث الوقاية من الوباء والسيطرة عليه، والانتعاش الاقتصادي. حققت الصين نمواً اقتصادياً في الأرباع الثلاثة الأولى من هذا العام، حيث ارتفع حجم التجارة الخارجية بنسبة 0.7%، وحجم الاستخدام الفعلي لرأس المال الأجنبي بنسبة 5.2%. وفقاً لتوقعات عدة الجهات الدولية الموثوقة، ستكون الصين الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي يحقق نمواً اقتصادياً في هذا العام، حيث سيتجاوز حجم إجمالي الناتج المحلي 100 تريليون يوان (حوالي 15.22 تريليون دولار أميركي) عام 2020، بما يلعب دوراً إيجابياً في تحفيز تعافي الاقتصاد العالمي.
وخلال معرض الصين الدولي الثالث للاستيراد الذي اختتم للتو، بلغت إجمالي قيمة الصفقات لعمليات الشراء المعتزمة 72.62 مليار دولار أميركي، وبلغت ما يقرب من 80% نسبةُ المشاركة المتتالية لأكبر 500 شركة عالمية وغيرها من الشركات الرائدة. في سياق آخر، ستواصل الصين تفعيل الدور الريادي لمناطق التجارة الحرة التجريبية وموانئ التجارة الحرة، وتوسيع الانفتاح في الاقتصاد الرقمي والإنترنت والمجالات الأخرى، ودفع الإصلاح والابتكار لتحرير وتسهيل التجارة والاستثمار بشكل معمق، وتقليص القائمة السلبية للوصول إلى الاستثمار الأجنبي، والتشاور مع مزيد من الدول حول التوقيع على اتفاقيات التجارة الحرة بمعايير عالية، ودفع بناء منظومة جديدة للاقتصاد المنفتح على مستوى أعلى. 
قال فخامة الرئيس الصيني «شي جين بينغ»: إن الصين هي أكبر الأسواق عالمياً التي تتمتع بالإمكانات، وستقوم بكل ثبات بتوسيع الانفتاح على نحو شامل. إن معادلة جديدة للتنمية طرحتها الصين لم تكن الدورة المحلية المغلقة على الإطلاق، بل تستند إلى التفاعل الإيجابي بين الدورتين المحلية والدولية على نحو أكثر انفتاحاً. وعليه، تكون أبواب السوق الصيني مفتوحة على العالم عامة والدول العربية خاصة. كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي مؤخراً: «نؤمن بأن لا مستقبل لأحد دون التعاون مع الآخر، ولا يمكن لأمة أن تعزل نفسها عن بقية الأمم». 
تعتبر الإمارات أكبر دولة في الشرق الأوسط عمقاً من حيث درجة التعاون، واتساعاً من حيث مجالاته، وإثماراً من حيث نتائجه بالنسبة للصين. يناهز حجم التجارة الثنائية بين البلدين 50 مليار دولار أميركي عام 2019، مما جعل الإمارات تحافظ على مكانتها بكونها أكبر سوق تصدير، وأكبر مقصد استثمار عربياً للصين. إذ يسهم التعاون بين البلدين في تكامل المزايا، وعليهما مواصلة بذل جهود مشتركة لضمان التقدم المنتظم لمشاريع «الحزام والطريق»، واستكشاف ميادين ونماذج جديدة للتعاون في الجيل الخامس والإنترنت والطب والفضاء.. وإلخ، وتعزيز الالتقاء والتلاحم بين السلاسل اللوجيستية والصناعية للبلدين. 
وقد اختتمت الجلسة الخامسة الكاملة للجنة المركزية الـ19 للحزب الشيوعي الصيني. ستواصل الصين الالتزام بمفهوم الانفتاح والتعاون والتضامن والفوز المشترك وتوسيع الانفتاح على نحو شامل بكل ثبات، بإرشاد الخطة الخمسية الـ14 للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والأهداف طويلة الأجل حتى عام 2035، ليصبح السوق الصيني سوقاً عالمياً مشتركاً، بما يخلق مزيداً من فرص التنمية للإمارات والشرق الأوسط وحتى العالم كله، ويضفي ديناميكية إيجابية أكثر على المجتمع الدولي.

*السفير الصيني لدى دولة الإمارات العربية المتحدة.