تشير بعض الدلالات إلى أن تحقيق هدف المناعة ضد فيروس «كوفيد-19» قد يتطلب أكثر من جرعتين من اللقاح، وربما جرعة ثالثة لرفع مستوى المناعة، أو ما يعرف بالجرعة المنشِّطة أو الداعمة (Booster Dose). ويدعم هذا الاتجاه التوقعات القائلة بأن الأشخاص الذين تلقَّوا التطعيم في مرحلة ما ربما تتضاءل استجابتهم المناعية بمرور الوقت، مما يجعلهم في حاجة لجرعة منشطة.
ومن المنظور الطبي، يشير مصطلح الجرعة المنشطة -يطلق عليها أحياناً الجرعة المعزِّزة- إلى جرعة إضافية من التطعيم، يتلقاها المرء بعد الجرعة أو الجرعات الأولية، والحصول على المناعة المبدئية. وذلك بهدف زيادة الاستجابة المناعية ضد الفيروس، واستعادة قوة هذه الاستجابة إلى مستوى يحقق الوقاية الكافية، بعد أن تكون الذاكرة المناعية قد ضعفت بمرور الوقت. لكن إن كان الشخص يتمتع بمستوى مرتفع من الأجسام المضادة نتيجة جرعات سابقة من التطعيم، فقد تتسبب الجرعة المنشطة في تولد التهاب في شكل حساسية موضعية.
وربما من أشهر التطعيمات التي تحتاج إلى جرعات منشطة، التطعيم ضد فيروس شلل الأطفال، وميكروبي التيتانوس والسعال الديكي. وليس من الواضح أو المفهوم حتى الآن، لماذا تحتاج بعض التطعيمات إلى جرعة منشطة، بينما لا تحتاج تطعيمات أخرى لجرعات منشطة. فعلى سبيل المثال، لا يحتاج التهاب الكبد الفيروسي (A) لجرعة منشطة، بينما يحتاج التطعيم ضد ميكروب التيتانوس لمثل هذه الجرعة. ويطرح البعضُ نظريةً لتفسير هذا التباين، مفادها أن التطعيمات التي تتسبب في استجابة مناعية سريعة وفورية، لا تمنح الجسم الوقت الكافي لتخليق ذاكرة مناعية ضد المرض تحقق له الوقاية مدى الحياة.
وعلى صعيد فيروس «كوفيد-19»، وحسب كبير أطباء شركة فايزر، تؤكد أحدث البيانات أن تطعيم الشركة يظل فعالاً بنسبة 90% في منع ظهور الأعراض المرضية لـ«كوفيد-19»، وذلك لمدة 6 أشهر على الأقل. كما صرحت شركة مودرنا بأن تلقي جرعة منشِّطة من تطعيمها يرفع من مستوى الاستجابة المناعية ضد سلالتين متحورتين من الفيروس مثيرتين للقلق، خصوصاً أن الجرعة المنشِّطة التي طورتها الشركة، صُممت خصيصاً لتتناسب مع سلالة الفيروس التي اكتُشفت لأول مرة في جنوب أفريقيا. وفي الوقت الراهن يعتزم العلماء والباحثون مراقبةَ الوضع باستمرار، لتحديد الوقت، وعدد الجرعات المنشطة التي قد يحتاجها الشخص مستقبلاً.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية