أول شيء تجب معرفته عن جوازات سفر اللقاح هو أنها ليست جوازات سفر. إنها أشبه بشهادات، من المرجح أن تظهر في شكل رموز قابلة للمسح الضوئي على الهواتف الذكية، لتعلن شيئاً واحداً فقط عن حاملها: أنه قد تلقى العدد المطلوب من جرعات اللقاح. والشيء الثاني الذي تجب معرفته عن جوازات سفر اللقاح هو أنها ليس لها مقياس محدد. يعمل البيت الأبيض مع شركات خاصة لوضع معايير لأي منتجات تظهر، لكن الحكومة لن تصدر دليلاً صغيراً منقوشاً عليه نسر ذهبي يجب على جميع المدنيين حمله أينما ذهبوا. لا علاقة لجوازات سفر اللقاح بالسفر الدولي، بل بالأحرى بالحياة اليومية هنا، حيث نحن بالفعل: في المطاعم وملاعب الكرة وغيرها من المرافق والأماكن العامة التي تريد فتح أبوابها مرة أخرى دون المخاطرة بتفشي المرض.

ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» يوم الأحد الماضي أن 17 مبادرةً لاستخراج وثائق «كوفيد-19» قيد الإعداد. ويشير هذا إلى أن الأمر لن يكون بالضرورة مراقبةً مركزيةً لأشخاص، بل المرجح أن يكون مزيجاً من البروتوكولات المربكة التي ستفرضها الشركات. الأمر التالي الذي تجب معرفته عن جوازات سفر اللقاح هو أنها على وشك أن تتسبب في أزمة من نوع ما. لقد ظهرت بالفعل جميع العلامات المعتادة للحملات الثقافية: فالادعاءات حول دستورية هذه الجوازات مليئة بالثقة، لكنها فارغة من حيث السياق، علاوةً على اتهامات النفاق التي تتسم هي نفسها بالنفاق، والمقارنات التي تتحدى الفكر النقدي.

في هذا الإطار كتب «دونالد ترامب جونيور» على تويتر: «دعوني أوضح هذا الأمر. بعض الديمقراطيين يريدون للمواطنين الأميركيين الحصول على جواز سفر اللقاح للسفر بحرية داخل الولايات المتحدة، لكن ليس بطاقة هوية للتصويت! مهرجون!!!»، وأتبع تغريدته بثلاثة رموز تعبيرية للمهرجين لتأكيد فكرته!

ويطرح «الديمقراطيون» نفس السؤال، لكن في الاتجاه المعاكس. ويصاب «الجمهوريون» بهستيريا بسبب الأشخاص الذين يحملون بطاقة إلى متجر البقالة لتجنب الإصابة بمرض مميت، لكنهم يصرون على أن يحمل الأشخاص بطاقة عند الذهاب إلى مركز الاقتراع لمنع الاحتيال المنهجي الذي لم يثبت وجوده! وفي غضون ذلك، ذكر النائب «ماديسون كاوثورن» (جمهوري -نورث كارولاينا) أمرين يتسمان بالمبالغة التاريخية، حيث قال إن مقترحات جواز السفر هي بمثابة «صفعة من صفعات ألمانيا النازية في الأربعينيات». كما قال إن الرئيس بايدن «لديه قواسم مشتركة مع اللينينية أكثر من الليبرالية». و رد الليبراليون -وليس اللينينيون- بالمثل من خلال المبالغة في جدوى مفهوم ليس لديه حتى الآن الكثير من الأدلة. تقول حجتهم إن جوازات السفر هذه لن تنتهك الخصوصية، ولن تكون قسرية. إنها ستحررننا جميعاً من هذا الطاعون. والحقيقة، كالعادة، تكمن في مكان ما بين الأمرين. لن تصدر جوازات سفر اللقاح كتفويض من المكتب البيضاوي أو الكونجرس، ولن تتعقب الحكومة حالة التطعيم الفردي لدينا، أو ما نفعله للحفاظ على مناعتنا. في الغالب، سترغب الشركات الخاصة في معرفة ما إذا كنا قد تلقينا اللقاح حتى تتمكن أخيراً من جني الكثير من المال كما اعتادت مع أقل قدر من المخاطر.

لكن إرشادات الصحة العامة التي تسمح بالتجمعات الكبيرة داخل الأماكن المغلقة فقط، وستكون الدليل العملي لقرارات الجهات المعنية بإدارة هذه الأماكن. كما أن إنشاء رموز قابلة للفحص، مثل تلك التي بدأت نيويورك للتو في تجربتها، سيتطلب بعض التحقق من سجلات الدولة. (هناك أيضاً مخاوف بشأن المساواة، طالما أن الأشخاص المحرومين من حقوقهم يحصلون على جرعات أقل من التطعيم ويمتلكون عدداًِ أقل من الهواتف الذكية). وبالمثل، سيكون الاشتراك اختياراً، لكن عندما يكون كل شيء ممتع في العالم مشروطاً بهذا الاشتراك، يصبح مفهوم الاختيار غامضاً. هذا إكراه.

ومع ذلك، قد يكون الإكراه هو بالضبط ما يأمر به الطبيب لأولئك الذين يترددون في تلقي التطعيم ولكنهم يتوقون إلى الرقص في حفل زفاف. لا أحد منا يعرف حتى الآن أين ومتى ولمن قد يُطلب منا تقديم هذه الوثيقة المفيدة، لذلك يخترع الناس بدلا من ذلك السيناريوهات التي تثير غضب البعض وارتياح البعض الآخر. ربما نكون ممنوعين من دخول أي مكان وكل مكان، ولا يمكننا حتى الدخول إلى متجر البقالة لشراء إفطار الغد. أو ربما يتم إرجاعنا من عرض لموسيقى البانك حيث كنا نأمل في أن نزج بأنفسنا وسط الآلاف من الغرباء. إن جوازات سفر اللقاح هي الأقنعة الجديدة. اعتماداً على مكانك وما تقرأه وكيف تصوت، تكون إما دليلاً على القمع أو العلامة التجارية التي يحملها الصالحون.

وهي إما تحل كل شيء أو لا شيء. إنها بمثابة الإغلاق الجديد والحجر الصحي الجديد: كلا المصطلحين اللذين نواصل استخدامهما لحالتنا الحالية، على الرغم من أن معظمنا شبه معزولين وأحرار للمرح حيثما يحلو لنا. لا أحد يهتم بالسلوك المعتدل. لكن البعض يريد التدابير المتطرفة، وحيث لا يوجد أي منها فإننا نخلقها.

*صحفية متخصصة في التكنولوجيا والمجتمع

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»