في نهاية هذه السلسلة من الكتابة حول دولة الإمارات العربية المتحدة في الخمسين، والآن أكملت شمعتها الخمسين من عمرها المديد، لا يمكنني اختتام هذا الموضوع دون الحديث عن ما حققته الدولة على صعيد الاهتمام بالمرأة، ورفع شأنها وتكريمها ومنحها كافة حقوقها المشروعة على الصعد كافة، وفي جميع المجالات.

المرأة في دولة الإمارات، نالت العناية والرعاية والاهتمام منذ الأيام الأولى لتأسيس الدولة الاتحادية في الثاني من ديسمبر 1971، وقد جاء ذلك وفقاً لتسلسل منطقي شكل خطة متكاملة حيكت على مراحل زمنية متواترة بدأت بالتعليم والرعاية الصحية والاجتماعية، ومرت بالتمكين الوظيفي وفتح المجالات الاقتصادية والتجارية والمالية وانتهت بإدخالها في المجال السياسي لكي تصبح وزيرة ورئيسة للمجلس الوطني الاتحادي وعضوة فاعلة فيه.

وفي سياق ذلك لم تبخل الدولة والمجتمع بشيء على المرأة لكي تساعدها على تحقيق أمانيها وطموحاتها في كافة المناشط والمجالات التي ترغب الخوض فيها دون ما مصاعب أو تردد، محققة بذلك أعلى المراتب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتجارية.

لقد كانت المسائل واضحة والدروب ممهدة أمام المرأة في الإمارات، فعلى مدى الخمسين عاماً التي مضت، تكاتفت جهود الدولة والمجتمع لمساعدة المرأة على الخروج من حذرها الذي هي فيه وتعمل في داخله أدواراً تقليديةً صرفةً لكي تفتح أمامها الأبواب على مصراعيها في إطار من التمسك بالإسلام الحنيف والإرث المجتمعي العريق الراسخ لكي تتعلم تعليماً عالياً يساعدها في الوقوف إلى جانب أخيها الرجل في معركة بناء الوطن بالعمل الجاد والعزيمة القوية، فكانت حصيلة ذلك هي أن أصبحت جزءاً أصيلاً من القوة العاملة الفتية في الوطن التي تنتج في الوقت الراهن كل ما هو نافع ومفيد.

وهذا ما وضع المرأة تتبوأ المناصب القيادية العالية وفقاً لما حصلت عليه من تحصيل علمي رصين وراق، وتماشياً مع الكفاءة والقدوة التي استطاعت أن تحققها لذاتها.

إن جميع ذلك، وبكل تأكيد لم يأت من فراغ، أو يتحقق في فراغ، بل من إيمان راسخ من قبل الدولة والمجتمع بأن الدولة العصرية التي تم تأسيسها لا يمكن لها أن تسير بشكل راسخ وثابت وتحقق النجاح دون أن يكون للمرأة دور واضح للإسهام في كل ذلك، وهي متسلحة بالعلم والإيمان وحب الوطن والرغبة في المشاركة الحقيقية في تقدمه ورقيه وسيره إلى أعلى المراتب بين الأمم الأخرى.

وقد اتضح ذلك جلياً فيما بعد من إسهام المرأة في كافة المجالات والقطاعات الاجتماعية أولاً، من تربية الأبناء في داخل الأسرة الصغيرة إلى العمل في سلك التدريس لاحقاً بعد أن حصلت على القسط الوافي من التعليم الذي يؤهلها لأداء مثل تلك الأدوار بكفاءة وتفوق واقتدار.

والحق يقال بأن ما أنجزته المرأة في الإمارات، وضمن الزمن القياسي الذي ولجت فيه إلى شؤون الدولة والمجتمع يجعل المرء منبهراً، لأن جميع ذلك حدث بشكل سريع لم تحققه النساء في جميع أمم الأرض الأخرى. لقد حققت المرأة في الإمارات سنة بعد أخرى نجاحات تتجلى في التطور والرقي على جميع الصعد والمستويات، وتعاظمت مشاركتها في خطط تنمية الدولة والمجتمع سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وبشرياً وإنسانياً ضمن تطبيقات وخطط عملية واضحة، وتماشياً مع ما نص عليه دستور الدولة الاتحادية الذي كفل حق المرأة في المساواة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص والمحافظة على كيان الأسرة والمحافظة على تماسكها بوصفها اللبنة الأولى في بناء الدولة والمجتمع الذي يعيش فيها.

وحقيقة أن الأدوار التي تضطلع بها المرأة حالياً في التنمية والنهضة الشاملة لدولة الإمارات تستحق الإشادة، فهي أدوار مهمة في بناء الدولة والمجتمع وتربية النشء ورفعة الوطن، وقد أثبتت بالفعل أنها تشكل نصف المجتمع من زاوية إسهامها في البناء وإعداد الأبناء لمواجهة المستقبل على أسس سليمة وقويمة، تستند إلى الأخلاق الحميدة على نهج من تعاليم الإسلام الحنيف وإرث وعادات وتقاليد مجتمع أصيل، تمتد جذوره راسخة في عمر الزمن لآلاف السنين.

وفي المقابل، فإن الدولة والمجتمع يستحقان الإشادة والشكر والعرفان لما قدماه من دعم وعون ومساندة للمرأة، لكي تشق طريقها القويم دونما عناء أو مشقة، فحفظ الله دولة الإمارات بكل ما فيها من كل سوء، ووفقْ المرأة فيها إلى ما تحبه وترضاه.

* كاتب إماراتي