يواجه عالم اليوم تنامياً ملحوظاً في التحديات التي تتطلب استجابات مبتكرة ومنسقة من قبل حكومات دول العالم المختلفة لمواجهتها وتقليل مخاطرها من جانب، وتعظيم الفرص التي تحقق أهداف شعوبها في التنمية والرخاء والاستقرار من جانب آخر، بما يعنيه ذلك من حتمية العمل المستمر على رفع كفاءة الحكومات وتطوير العمل الحكومي لمواجهة هذه التحديات المتنامية التي تتطلب أن تتمتع الحكومات بصفات «استثنائية»، وأن تتبني سياسات مغايرة تماماً عن تلك القائمة الآن، ليس من ناحية تطبيق «اللامركزية»، ومرونة الاستجابة، أو القدرة على امتصاص الأزمات فقط، ولكن أيضاً إدارة الإبداع والابتكار وتوظيفهما لصناعة المستقبل، وسرعة الاستجابة للاحتياجات المتزايدة، والمشكلات غير المتوقعة، وتسريع عمليات التحول التكنولوجي والرقمنة، وتبني المرونة والفكر الاستباقي ووضع استراتيجيات وحلول متطورة لمختلف التحديات وفق آليات عمل مبتكرة من قبل الحكومات.

وفي هذا السياق، تأتي أهمية القمة العالمية للحكومات 2022 التي اختتمت أعمالها في دبي قبل أيام، والتي تعد أكبر تجمع حكومي في العالم ومنصة مهمة لاستشراف مستقبل الحكومات، وتصميم الآليات لمواجهة التحديات التي تعترض سبيل عملها للارتقاء بجودة الحياة وتحقيق التقدم والرفاهية لشعوبها، وضبط و«إدارة صناعة المستقبل»، للتقليل من المخاطر والتحديات الناشئة. حيث أكدت القمة ونتائجها على جملة من الحقائق المهمة، أولها: تحول هذه القمة إلى منصة عالمية لمختلف الحكومات يتم من خلالها ليس فقط تبادل الأفكار والتصورات حول سبل مواجهة المشكلات التي تواجه صانعي القرار، وفك شفرات التعقيدات البيروقراطية المعطلة لأعمال الحكومات حول العالم، وإنما أيضاً استشراف المستقبل وصناعته في مختلف مجالات العمل الحكومي، ولهذا انعقدت القمة تحت عنوان: «استشراف مستقبل الاستثمار والطاقة». كما اتسمت القضايا التي تناولتها بأنها ذات صبغة مستقبلية، إذ تنوعت ما بين آفاق الاقتصاد العالمي، ومستقبل قطاع الميتافيرس، والاستثمار في قطاع الابتكار، والعملات المشفرة والأصول الرقمية، واستدامة التمويل وغيرها.

وثانيها هو صفة العالمية التي أصبحت تتمتع بها هذه القمة، والتي تتضح من واقع نوعية وحجم المشاركين فيها، حيث شارك في جلساتها 4000 شخص من 190 دولة، يمثلون نخبة من أبرز المسؤولين الحكوميين ورؤساء منظمات وهيئات دولية ورؤساء شركات عالمية ورواد أعمال بارزين من القطاع الخاص.

أما الحقيقة الثالثة، فهي تعزيز الدور الريادي العالمي للإمارات في تنظيم الفعاليات الكبرى وقيادة العالم في التعافي من جائحة كوفيد-19، خاصة أن أعمال القمة جاءت مصاحبة للفعاليات الختامية لمعرض إكسبو 2020 دبي، الذي جذب الملايين من مختلف دول العالم رغم التحديات الصعبة التي فرضتها الجائحة.

إن الحكومات العالمية، ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، ورواد الأعمال، باتوا يتطلعون بكل شغف إلى موعد انعقاد أعمال القمة العالمية للحكومات في دبي، باعتبارها منصة عالمية رائدة تسهم في صياغة مستقبل الحكومات، وتعزيز مسيرة التنمية العالمية، وتعزيز الحوار والتعاون العالمي من أجل فك شفرات الأزمات، وصناعة مستقبل الأمم.

*تريندز للبحوث والاستشارات.