اليمن أمام تحدي تاريخي وفرصة غير مسبوقة يجب عليه بكافة مكوناته استغلالها وعدم إضاعتها، فالهدنة ومبادرات التحالف العربي لحل الأزمة اليمنية، كل ذلك يجب أن يلقى صدى واسعاً بين أطياف ومكونات الصراع في اليمن وتحديداً جماعة الحوثي.

فاغتنام هذه الفرصة مسؤولية تاريخية، وليس من المقبول إضاعة فرصة الحل التي أجمعت عليها دول التحالف العربي والمجتمع الدولي وكل من يسعى لخير اليمن ويدافع عن حقوق الشعب اليمني كاملةً، وأن تكون هناك سلطة تمثل اليمنيين بكافة مشاربهم ليكون اليمن لكل اليمنيين، وهذا لب المبادرات العربية والتطلعات الدولية لبلد عانى وما زال من أزمات إنسانية واقتصادية وصراع على السلطة طال أمده لا بد أن يتوقف، ولا بد أن تجتمع كافة القوى تحت سقف واحد لإيجاد حل جذري دائم، وعلى كل القوى أن تقبل ذلك ولا مجال للمراوغة فاليمن أمام فرصة قد لا تتكرر.

تحالف دعم الشرعية في اليمن بادر بعملية إطلاق لأسرى حوثيين، حيث نقل 163 أسيراً إلى اليمن بهدف إنساني بحت وضمن جهود التحالف لدعم السلام وتعزيز إنهاء ملف أزمة اليمن ضمن مبادرة إنسانية، وهؤلاء الأسرى نُقل بعضهم إلى أماكن إقامتهم قرب الحدود السعودية والبعض الآخر نقل إلى عدن وصنعاء عبر طائرتين وخلال ثلاثة مراحل.

وهذه المبادرة السعودية جاءت بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لتكون مؤشراً واضحاً للحوثيين على رغبة التحالف في تعزيز فرص حل الأزمة اليمنية، وعلى الحوثيين أن يردوا بمؤشرات واضحة لا تقبل اللبس بقبولهم المبادرةَ. فهناك رغبة لدى كل القوى المحبة لليمن في إنهاء الأزمة التي لم تعد محتملةً بالنسبة للشعب اليمني.

ولذا جاءت الهدنةُ الشهرَ الماضي، ووقف كافة العمليات العسكرية التي أعلنت عنها الأمم المتحدة تزامناً مع مشاورات الرياض، وتشكيل مجلس رئاسي يقود اليمن خلال مرحلة انتقالية، كل ذلك فرصة حقيقية ليعود اليمن إلى مكانته التي يستحقها ويعم السلام كافة بقاعه. الحوثيون أمام فرصة غير مسبوقة لأن يقدموا مؤشرات حول رغبتهم في السلام وإنهاء الصراع وحلحلة الأزمة، وعليهم التوقف عن أي خروقات، فمستقبل اليمن أهم من أي شيء آخر، وما حققته الهدنة لأطفال اليمن سيكون الأهم، حيث هناك خطة أممية تقضي بالتوقف عن استغلال الأطفال في الحرب، وبتسريحهم من صفوف القوات الحوثية خلال مهلة تقارب الستة أشهر، فملايين الأطفال في اليمن تأثروا بسبب الحرب، إذ حُرموا من الدراسة وممارسة حياتهم الطبيعية وزج بالآلاف منهم في أتون الحرب، وفقد أكثر من ألفي طفل حياتهم نتيجة المعارك.. وكل ذلك يجب أن يتوقف.

ومن ضرورات إنهاء الصراع اليمني وتعزيز الهدنة معالجة الأزمة الاقتصادية اليمنية غير المسبوقة، حيث تضررت كافة المرافق الاقتصادية وانهارت المنظومة الاقتصادية كلها، كنتيجة للحرب وانعزال اليمن عن محيطه وتوقف التجارة الخارجية، لترافق ذلك أزمةٌ غذائية تأثرت بحالة الصراعات الدولية وتحديداً الأزمة الأوكرانية، ليكون نتيجة كل ذلك تأثر الأسر اليمنية مباشرة، فنصف هذه الأسر بلا غذاء كاف خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث هناك بيانات صادرة عن برنامج الغذاء العالمي تؤكد صعوبة المرحلة الحالية على اليمنيين، فهناك مخاوف من نقص الخبز مع نقص إمدادات القمح وكذلك ارتفاع أسعار السلع في اليمن، لتبلغ مستويات غير مسبوقة حسب منظمة الأغذية والزراعة العالمية، لكن الهدنة وإنهاء الصراع اليمني يبقيا نافذة أمل لهذا الشعب الذي يستحق أن يعيش بسلام بعيداً عن الحروب والأزمات.

*كاتب إماراتي