نعزي أنفسنا وقيادتنا وشعب الإمارات، بمصابنا الجلل، بوفاة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه. إنه قائد عزيز رحل عنا إلى دار الحق، فندعو الله له الرحمة والمغفرة وجنة الرضوان. الكل يجمع على الشيخ خليفة وصفاته الإنسانية النبيلة وتواضعه وقربه من قلوب شعبه. الكل يقر سماحته ودماثة خُلُقه. وهنا أتذكر بعضاً من أقواله رحمه الله: «الإنجاز الأكبر والأعظم الذي تفخر به الإمارات، هو بناء الإنسان وإعداده وتأهيله، ليحتل مكانه المرموق ويسهم في بناء وحماية وطنه» وأن «بناء الإنسان أفضل الاستثمارات فوق أرضنا، وهو الركيزة الأساسية لعملية التنمية».

رأى الشيخ خليفة تفاني والده الشيخ زايد لتحقيق الرخاء والرفاهية، لشعبه وأصبح مؤمناً بأن القائد الحقيقي هو الذي يهتم برفاهية شعبه. ومر سموه في عدة محطات، كانت أبرزها ملازمته للوالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان طيب الله ثراه، التي شكلت مدرسة، كانت لها الأثر الطيب في حياته العملية والسياسية في إدارة الحكم. وخبراته أهلته رحمه الله، ليكون ممثلاً لحاكم أبوظبي في المنطقة الشرقية، في أغسطس 1966، ثم ولياً للعهد لإمارة أبوظبي في 1 فبراير 1969، كما تولّى سموّه مناصب مهمةً أخرى..لإمارة أبوظبي.

ومن إنجازات المغفور له الشيخ خليفة بن زايد: تأسيس جهاز أبوظبي للاستثمار، لضمان توفير مصدر دخل ثابت للأجيال المقبلة، وعلى المستوى الاتحادي، كان نائباً لرئيس مجلس الوزراء الاتحادي عام 1974، كما عُيّن نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات في عام 1976.

مثلت منجزات المغفور له الشيخ خليفة بن زايد نقلةً نوعيةً، من مرحلة التأسيس إلى التمكين ومن ثم إلى مرحلة التمكين السياسي، بأن أطلق مبادرة لتطوير السلطة التشريعية، من خلال تعديل آلية اختيار أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، بشكل يجمع بين الانتخاب والتعيين، عبر انتخابات مباشرة، ذلك ما أحدث حراكاً سياسياً هادئاً، استحق الرصد والمتابعة.

وتم تعيين سموه، حاكماً لإمارة أبوظبي في 3 نوفمبر 2004 بعد وفاة الوالد الشيخ زايد، فيما تمّ انتخابه، رئيساً للدولة في 3 نوفمبر 2004، في أعقاب وفاة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان يوم 2 نوفمبر 2004.

تميز المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بصفات حميدة فيها الحصافة والتأني في اتخاذ القرارات، و كان يلجأ إلى التشاور والدراسة لمسائل الشأن العام، ذلك ما ضمن أن التشريعات والأوامر والمراسيم، أخذت طريقاً سلساً وميسراً في عملية التنفيذ الإداري المستدام.

وميزة أخرى، لسموه، أنه كان يميل إلى تبسيط الأمور، وفي تجاوب سموه لمتطلبات المواطنين، يذكر أحد المسؤولين، أنه في إحدى جولات سموه لتفقد مساكن المواطنين، لم يعجبه أحجام الفلل الضيقة، فقام بلوم المسؤولين، عن المساكن، بقوله:«الله موسع علينا وأنتم تضيقون على المواطنين!». رحم الله فقيد الوطن وأسكنه فسيح جناته.

* سفير سابق