تتصاعد المنافسة بين مشتري الغاز الطبيعي المسال الآسيويين وأوروبا لتأمين الإمدادات الاحتياطية حيث تهدد سلسلة من الانقطاعات بنقص هذا الشتاء.
كان الجدول الزمني الجديد الذي تم الإعلان عنه يوم الثلاثاء الماضي لإعادة تشغيل مصنع رئيسي للغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة أطول بكثير مما توقعه التجار، في حين أدى انخفاض عمليات التسليم من إندونيسيا إلى روسيا إلى شح الإمدادات العالمية. وارتفعت العقود الآجلة للغاز الطبيعي المسال الآسيوي للتسليم في فصل الشتاء إلى أعلى مستوى لها في أكثر من شهرين.
كان من المتوقع بالفعل أن تكون إمدادات الغاز العالمية شحيحة في الشتاء المقبل، عندما يصل الطلب على وقود التدفئة إلى ذروته، لكن الاضطرابات الجديدة مهدت الطريق لصراع بين آسيا وأوروبا حول كمية متضائلة من الإمدادات. يتم تداول الأسعار الفورية في المنطقتين عند أعلى مستوى موسمي بسبب أزمة الإمدادات العالمية التي تفاقمت بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وقد ترتفع الأسعار إلى مستويات جديدة إذا تورط المشترون في حروب العطاءات.
وذكرت منشأة «فريبورت» لتصدير الغاز الطبيعي المسال في تكساس يوم الثلاثاء الماضي أن الأمر قد يستغرق 90 يوماً لإعادة تشغيل المحطة جزئياً، وهي فترة أطول بكثير من التوقعات السابقة التي ذكرت أن المدة لن تقل عن ثلاثة أسابيع. ومن غير المتوقع إعادة تشغيل المنشأة بكامل طاقتها حتى أواخر عام 2022، الأمر الذي فاجأ تجار الغاز الطبيعي المسال الذين كانوا يقدرون أن تتراوح فترة انقطاع الخدمة من شهرين إلى ثلاثة أشهر. وكانت المنشأة قد أغلقت الأسبوع الماضي بعد اندلاع حريق.
في حين أنه من المتوقع أن يكون لتوقف تشغيل منشأة «فريبورت» تأثير أكبر على أوروبا هذا الصيف، حيث كان من المقرر تسليم معظم الإمدادات، فمن المحتمل أن يؤدي الانقطاع لفترة أطول إلى حدوث عجز عند بعض العملاء الآسيويين خلال هذا الشتاء.
وبالفعل، يقوم تجار الغاز الطبيعي المسال الآسيويون المقيمون في سنغافورة بالاتصال بالموردين للتحقق من الشحنات المتاحة خلال بقية العام. وقد حذر بعض التجار من عدم توفر العرض الكافي هذا الشتاء لتلبية الطلب.
وحتى الإمدادات الأكثر ضيقاً يمكن أن تجعل من الصعب على اليابان - ثاني أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم - تأمين شحنات فورية من السوق الفورية لفصل الصيف، حيث تواجه البلاد بالفعل أزمة في إمدادات الطاقة.
ويرى متعاملون أن الاضطراب الممتد يؤدي إلى إزالة العشرات من شحنات الغاز الطبيعي المسال من السوق، الأمر الذي سيتطلب استبداله. وسيحاول المستوردون في آسيا وأوروبا إيجاد إمدادات بديلة من مشاريع أميركية أخرى، وكذلك من المصدرين بما في ذلك نيجيريا وقطر وأنجولا والإمارات العربية المتحدة. ومع ذلك، هناك القليل من المعروض المتاح خلال الأشهر القليلة المقبلة.
والمرافق في اليابان وكوريا الجنوبية قد تلجأ إلى السوق الفورية لأنها كانت تعتمد على الوقود من منشأة فريبورت لإعادة التخزين لفصل الشتاء. وفي هذا الإطار، أبرمت شركتا «جيرا» و«أوساكا للغاز» اليابانيتان اتفاقيات شراء كبيرة مع مصنع فريبورت، وغالباً ما ستعيدان بيع هذا الحجم إلى مرافق أصغر في البلاد.
وفي الوقت نفسه، فإن المعدات الرئيسية لتشغيل خط أنابيب الغاز نورد ستريم عالقة في الخارج بسبب العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، مما يشير إلى أن عمليات التسليم إلى أوروبا قد يتم كبحها لبعض الوقت. ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على الغاز الطبيعي المسال كبديل.
تهدد أزمة الإمدادات التي تلوح في الأفق برفع فواتير الكهرباء والتضخم، وقد تؤدي إلى حرمان الدول الفقيرة بالكامل.
يقوم مصنع فريبورت، الذي مثّل ما يقرب من 4 بالمئة من صادرات الغاز الطبيعي المسال العالمية الشهر الماضي، بتزويد الغاز لشركة بريتش بتروليم وتوتال إينيرجيز في أوروبا، وشركة إس (SK E&S) في كوريا الجنوبية، بالإضافة إلى شركتي (جيرا) و(أوساكل) للغاز اليابانيتين. وقد شكلت المنشأة ما يقرب من خمس إنتاج الغاز الطبيعي المسال الأميركي في مايو.
جدير بالذكر أن الأمر لم يستغرق سوى ساعات قليلة منذ أن نشب حريق هائل في ثاني أكبر محطة للغاز المسال في أميركا حتى ظهرت تداعياته على أسعار الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، وزادت المخاوف الأوروبية من نقص الإمدادات وارتفاع الأسعار في القارة العجوز، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»