لا شك في أن زيارة الرئيس الأميركي؛ جو بايدن، إلى منطقة الشرق الأوسط تُمثّل فرصة ثمينة لأهل المنطقة للتعبير عمّا يَجول في خاطرهم لتمتين الصداقة والشراكة الاستراتيجية مع أهم دولة في العالم.

وإذْ نُرحبّ بهذه الزيارة التاريخية، فإنني أُعطي لنفسي الحقّ في تخيُّل لقاءٍ لخمس دقائق مع الرئيس بايدن؛ لأعبّر له عن رؤية إماراتية في كيفية مساهمة زيارته في نقل العلاقة الأميركية مع الحلفاء في المنطقة إلى مرحلة أكثر صلابة وتعبيراً عن المصالح المشتركة وترسيخاً للأمن الإقليمي؛ في ظل التحولات في البيئة الاستراتيجية، إقليمياً ودولياً.

إن زيارتك يا فخامة الرئيس، التي تأتي قبل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، ستركّز، كما أشرتَ في تصريحاتك، بشكل أكبر على الفرص المحتملة والواعدة التي من الوارد أن تنشأ عن البناء على ما أفرزته الاتفاقيات الإبراهيمية من ديناميكيات جديدة في الشرق الأوسط، تحت لافتة التعاون بين الدول العربية وإسرائيل، وإرساء تفاهمات وشراكات إقليمية جديدة في مجالات الأمن الإقليمي والطاقة النظيفة والأمن الغذائي والمائي.

وإذ ندعو لأن تكون جولتكم ترسيخاً لاستراتيجية «تقاسم العبء» الأميركية، فإن من المهم خلق أدوات أكثر فاعلية ومصداقية لتطبيق هذه الاستراتيجية بشكل يحفظ مصالح أميركا ومصالح حلفائها على حدّ سواء. ستكون الجولة، يا فخامة الرئيس، فرصة محتملة لترسيخ «منتدى النقب» كقمة سنوية ينضم لها مزيد من الدول.

لكن التحدي سيبقى قائماً بخصوص المطالب بدعم تسوية سياسية عادلة للنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي، وتخفيف التوتر والتصعيد، وإشراك الطرف الفلسطيني في جهود التعاون الإقليمي الجارية والمستقبلية.

إنّ زيادة فرص التعاون الإقليمي بين الدول العربية وإسرائيل تبدو واعدة، وتحظى بتوقعات عالية، مع ذلك فإن من المهم إدراك أن هناك تحدياً في طبيعة مقاربة السلوك الإقليمي الإيراني، حيث لا تزال دول الخليج وباقي الدول العربية تؤيد المقاربة الدبلوماسية مع إيران، بما في ذلك الدبلوماسية الاقتصادية، وليس الخيارات العسكرية أو الوسائل الخشنة والعدائية. دول الخليج تريد الوصول إلى ضمانات وطمأنة متعلقة بسلمية البرنامج النووي الإيراني، ومتعلقة بالبرنامج الصاروخي الإيراني وبسياسات طهران الإقليمية.

أعتقد يا فخامة الرئيس أن دولة الإمارات ترغب في أن تسهم زيارتكم في تحسين القدرات الأمنية الإماراتية والخليجية ضد التهديدات الصاروخية والمسيّرات وباقي التهديدات الناشئة، وتعزيز العلاقات الأميركية-الخليجية، وإنتاج مقاربة جديدة للاستقرار الإقليمي تدمج الردع والاحتواء بسياسات خفض التصعيد وترسيخ الحلول الاقتصادية مدخلاً للأمن الإقليمي وتوسيع التعاون بين الدول العربية، بمن فيهم الفلسطينيون (وكذلك تركيا) وبين إسرائيل.

أظنّ أن زيارتكم المرحّب بها لمنطقتنا ستكون ناجحة بامتياز في حال تمكَّنَتْ من: أولاً، إنتاج مقاربة لمعالجة التهديدات الإيرانية مع الاستمرار في التواصل الدبلوماسي مع طهران ومنع عناصر التصعيد في المنطقة.

وثانياً، رسم خطوط رئيسية أولية لطبيعة التوجّه الأميركي تجاه الصين وروسيا بحيث تأخذ في الاعتبار مصالح دول المنطقة.

وأختم يا فخامة الرئيس بالقول إنّ التحوّط الاستراتيجي لدول الخليج ولحلفاء واشنطن في الشرق الأوسط يزيد وينقص استجابة لطبيعة الالتزام الأميركي بأمن الحلفاء ومصالحهم الوطنية وبتعزيز الاستقرار الإقليمي، وأنه في حال استخدمتْ واشنطن نفوذها الدولي لاحتواء التهديدات الإيرانية وإدماج طهران في المسار الدبلوماسي الإقليمي، فإن استراتيجية «تقاسم العبء» الأميركية ستحوز على دفعة نوعية قوية إلى الأمام من جانب حلفاء واشنطن الشرق أوسطيين.

*رئيسة مركز الإمارات للسياسات.