حطت الثلاثاء الماضي طائرةُ رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي بمطار سونغشان في تايبيه بتايوان، رغم التحذيرات الصينية من هذه الزيارة المثيرة للجدل، لكن بيلوسي وصلت على متن طائرة عسكرية أميركية.

تايوان جزيرة صينية تبلغ مساحتها 36٬000 كيلومتر، انفصلت عن الصين التي يبلغ مجمل مساحتها أكثر من 9 مليون كيلومتر مربع، وكان انفصالها عام 1949، أي بعد الحرب العالمية الثانية، ولم يعترف بها منذ ذلك الحين حتى اليوم سوى 15 دولة حول العالم، وجميعها دول صغرى، لكنها في الوقت ذاته مدعومة من الولايات المتحدة، كما جاء في تصريح بيلوسي لدى وصولها أرض تايون حيث أكدت: «سوف يكون دعمُنا لشعب تايوان أكبر من أي وقت مضى».

وفي تغريدة لاحقة على موقع تويتر قالت بيلوسي إن تايوان شريك في منطقة المحيطين الهادئ والهندي. أما الصين فهي بالطبع ترى أن جزيرة تايوان جزء لا يتجزأ من نسيجها الوطني، رغم مرور السنين على الانفصال، ورغم التحديات التي يواجهها استرداد هذا الجزء المهم من أراضيها.

وأهم هذه التحديات هو الخلاف الأميركي الصيني حول هذه الجزيرة، والوجود الأميركي الكبير في بحر الصين بقواعد بحرية وعسكرية على تخوم الصين، رغم الالتزام القولي من جانب أميركا بمبدأ «الصين الواحدة»، ولكن الواقع يخالف هذا الالتزام، خصوصاً بعد زيارة بيلوسي لتايوان واختيارَها كمحطة أولى خلال جولة تقوم بها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، التي تشمل اليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة.

والمثير في هذه الزيارة هو أن وسائل إعلام تايوانية أكدت أنه تم تفعيل منظومة الدفاع الجوي في مطار تايبيه قبيل وصول بيلوسي، وفي الوقت ذاته أعلنت هيئة البث اليابانية أن «مقاتلات أميركية انطلقت من جزيرة أوكيناوا شرق تايوان، في حين سارعت الصين إلى إعلان إغلاق المجال الجوي للطائرات المدنية في مضيق تايوان، مهددةً بأن الطائرات التي ستنتهك حظر الطيران في مجال تايوان الجوي قد يتم إسقاطها، والمقصود طائرة بيلوسي. بل وقالت وسائل إعلام صينية إن مقاتلات «سوخوي 35» صينية عبرت مضيق تايوان فيما نفت ذلك تايبيه.

وعلى كل حال فإن حالة الاستنفار العسكري بالتزامن مع هذه الزيارة، ومن جميع الجهات، مثلت نذر حرب بحد ذاته وإن كانت حرباً كلامية أو مجرد تهديدات. لكن النموذج الأوكراني لا يمكن تجاهله، إذ بدأت شرارة الحرب بتلويحات، ثم ما لبثت أن أصبحت مواجهة عسكرية تتسع يوماً بعد آخر! وتحتكر تايوان نحو 92% من صناعة الرقائق الإلكترونية النادرة عالمياً، وهي متفوقة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتعد من المساهمين في صعود الولايات المتحدة تقنياً، إذ تدخل صناعاتُها في التكنولوجيا العسكرية الأميركية، بما في ذلك طائرات «اف 35» والأقمار الاصطناعية والأجهزة والمعدات الطبية الدقيقة، وكثير مما يتعلق بـ«أشباه الموصلات» والهواتف النقالة.

وأخيراً.. هل زيارة بيلوسي إلى تايوان هو بالون اختبار سوف تليه عدة خطوات تفاقم حدةَ التصعيد بين الولايات المتحدة والصين؟ أم استشعار الولايات المتحدة الأميركية لنجاح فخ إيقاع روسيا داخل أوكرانيا وبالمثل محاولة إيقاع الصين في فخ الحرب داخل تايوان وبالتالي إشغالها بذلك؟ هناك من يقول إن زيارة بيلوسي قد تصبح الحدث الذي يفجر الأوضاع في منطقة المحيطين الهادئ والهندي!

*كاتبة سعودية