لم يعد «يوم الاقتراع» – 8 نوفمبر هو التاريخ الرسمي هذا العام -- لحظةً، وإنما موسماً. إذ يبدأ التصويت في سباقات الكونجرس قبل 46 يوما في ولايتي مينيسوتا وداكوتا الجنوبية، وقبل 45 يوماً في ولايتي فرجينيا ووايومينغ، وقبل 40 يوما في ولايتي إيلينوي وشيكاغو. وهذا يعني أواخر سبتمبر، أي على بعد شهر من الآن. 
سيتحدث «الديمقراطيون» عن الإجهاض وسيمعنون في التحذير من «التهديد المحدق بالديمقراطية»، ولكن ذاك خطاب يصعب الحفاظ عليه أمام التخوفات الكبيرة بشأن التضخم والركود. 
أما «الجمهوريون»، فقد قلّصوا رسالتهم واختزلوها في ستة موضوعات حول ما يحدث حين يسيطر حزب واحد – حزب الرئيس جو بايدن، في هذه الحالة – على كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ. وتتألف حجج كل مرشح «جمهوري» من ست فقرات وخاتمة.
«أسعار في المتناول» يفترض أن تتصدر معظم الإعلانات والخطابات. فأسعار البنزين أخذت تنخفض مع اقتراب الركود ونهاية الصيف، ولكن المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 13٪ على أساس سنوي في يوليو.
«القلق» يغطي عدداً من المخاوف، بالطبع، ولكن الجريمة الخطيرة والخوف على الأهل والأقارب يتصدر القائمة. ويزداد الخوف بشأن العنف مع كل حادث إطلاق نار جماعي، ولكن الخوف من تفشي الجريمة في بعض الضواحي هو الذي لديه القوة لتعزيز آمال «الجمهوريين». 
«غضب» الأميركيين العاديين المستمر من النخب – سواء داخل الشركات الكبيرة، أو الحكومة الكبيرة، أو الإعلام الكبير، أو الجامعات الكبيرة – سيُثبت مرة أخرى أنه عامل المفاجأة في نسبة المشاركة في الانتخابات، والذي أغفله منظمو استطلاعات الرأي والمتنبئون. هذا الغضب يقوّيه شعورٌ بأن الأمور تسير في الاتجاه الخاطئ واستياءٌ من الأشخاص الذين يصفون أنصار دونالد ترامب بالفاشيين والعنصريين والمميزين ضد المرأة. وفي الأثناء، يزيد موضوع تشديد قوانين الهجرة ومراقبة الحدود وعدم الاهتمام بالعواقب من حدة الارتباك والمشاكل. فوباء المخدرات له عنوان، وهذا الأخير يشمل معظم نقاط الدخول على طول الحدود الجنوبية، ولاسيما سان دييغو. وإذا كان المرشحون «الجمهوريون» في ولايات أوهايو وبنسلفانيا وجورجيا ونيفادا وويسكونسون وكولورادو وواشنطن يمتلكون سلطة خارقة خفية، فهي هذا الغضب. تشكّل «الطاقة» الفقرة الرابعة من أجندة «الجمهوريين» وجزءاً من النقاش الأكبر في هذا البلد حول الوقود الأحفوري. الموقف ربما يتحول قليلا نحو الطاقة النووية بالنظر إلى تغير المناخ وارتفاع أسعار الطاقة. غير أن سياسات بايدن العبثية المناوئة للنفط التي بدأت مع إلغاء خط أنابيب «كيستون» لم تختفِ حتى في وقت انخفضت فيه كلفة الجازولين. 
«التعليم» هو الموضوع «النائم» بالنسبة لكل مرشح «جمهوري»، وكذلك الحال بالنسبة لمتاعب أعضاء مجالس إدارة المدارس الذين لم يرفضوا إلزامية ارتداء الكمامة أو إدراج نظرية العرق النقدية في المدارس الابتدائية. ولا شك أن هذه المواضيع ستطغى على العديد من الانتخابات المحلية. 
ثم هناك السياسات البيئية والاجتماعية وتلك المتعلقة بالحكامة، والتي تعني عادة أن الشركات الكبرى تكتفي، على أقل تقدير، بالتعبير شفاهياً فقط عن دعم كل أنواع التطلعات اليسارية، خاصة الطاقة «الخضراء» كلياً. وفي تقديري، فإن قائمة السياسات البيئية والاجتماعية وتلك المتعلقة بالحكامة هي التي ترسم وتشكّل التحولات التي تتطلبها السياقات. وإذا كانت أغلبيات كبيرة من الأميركيين تؤيد تعاطفا مع الأشخاص الذين يعانون كل أنواع أزمات الهوية، فإن تلك الأغلبيات نفسها ترفض المطالب الأكثر تطرفا لأبرز النشطاء وأكثرهم صراحة. 
هذا ويمكن القول إن «الديمقراطيين» أهدوا «الجمهوريين» سلاحاً أخيراً حين صوتوا على إضافة 80 مليار دولار إلى الميزانية و87 ألف موظف إلى كشوف رواتب مصلحة الضرائب على مدى عقد من الزمن ومنح الأميركيين الذين يستطيعون شراء وقيادة مركبات كهربائية إغفاء ضريبياً قدره 7500 دولار. فعلى الفور، قامت شركة «فورد» بزيادة سعر مركبتها «البرق» 150 الكهربائية. ولعل هذا ما يفسر لماذا تحولت رسالة وزيرة الطاقة جينيفر غرانهولم إلى «ألواح شمسية بخصم 30 في المئة!».
وهناك أيضا عار انسحابنا من أفغانستان وتخلينا عنها قبل عام. لقد بدأ الخريف في الوصول. لا محيد عن هذه الموضوعات. ولتبدأ الحملات الانتخابية!

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست نيوز سينديكيت»