تحتفل الدولة غدا بـ «يوم الشهيد»، تخليداً لتضحيات وبطولات الشهداء الذين وهبوا أرواحهم لتظل راية البلاد عالية. في هذا اليوم تحيي الإمارات ذكرى كوكبة من أصدق وأشجع أبنائها الذين لم يهابوا الموت في سبيل عزة ومنعة وطنهم. ذكرى خالدة تُسطِّر الإمارات فيها ملحمة وفاء وفخر لشهدائها الأبرار. ولتؤكد أن تضحياتهم لم تذهب سدى، بل أضحت منارة تستلهم منها الأجيال على مر الزمان معنى الفداء والولاء للوطن وقيادته الرشيدة والعمل دائماً لرفعة الوطن في مختلف الميادين، وتمثل هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا فرصة لجميع المواطنين والمقيمين على أرض دولتنا الحبيبة لتكريم وتقدير ذكرى هؤلاء الأبطال.
أذكر أنه قبل بضعة أعوام انطلاقاً من حرص القيادة الإماراتية على تخليد ذكرى شهداء الوطن، أنشأت «واحة الكرامة»، كصرح يُجسد أسمى معاني الفخر والاعتزاز بالبطولات المشرفة، وعرفاناً لما قدموه من تضحيات، في سبيل الحفاظ على أمن الوطن وكرامته، وحمايةً لمكتسباته ومنجزاته، حيث تضم «واحة الكرامة» جناحاً للشرف فيه أسماء 196 شهيداً من أبناء الإمارات البواسل، الذين ضحوا بأرواحهم فداءً للوطن، في رسالة تؤكد اعتزاز القيادة الرشيدة بتضحياتهم الغالية.
إن هذا اليوم يمثل في ذاكرة الأجيال والوطن رمزاً للفخر والنبل والعطاء، وفيه يلتف شعب الإمارات حول قيادته الرشيدة بتلاحم وتعاضد، مستلهمين القيم النبيلة التي تجسدها تضحيات شهدائنا الأبرار الذين ضربوا أروع الأمثلة في العطاء والتضحية، كما نتوقف عنده ونتذكر بكل إجلال هؤلاء الذين حفروا أسماءهم بحروف من نور في تاريخ الوطن، وندعو الله تعالى أن يمنحنا القوة لاستلهام قيمهم وشجاعتهم والسير على طريقهم، طريق التضحية والإخلاص والفداء من أجل الإمارات التي أعطتنا الكثير، ولا تزال تعطي بلا حدود، وحقها علينا أن نرد لها الجميل في كل مكان وزمان، رغم أننا نقر ونعترف أننا مهما حاولنا فلن نستطيع أبداً أن نوفيها حقها.
إن الشهيد وذويه يستحقون منا كل تقدير واعتزاز، وكل حب ووفاء، وقد ضربت قيادتنا الرشيدة المثل والقدوة في تقدير هذه التضحيات العظيمة، بما قدمت من مساندة لأسرهم وذويهم، وبما عبرت عنه في العديد من المناسبات من تقدير وامتنان لتضحيات هؤلاء الأبطال، وهنا لا تفوتنا الإشارة إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، رئيس الدولة القائد الأعلى لقواتنا المسلحة، قد أنشأ مكتباً تابعاً لديوان سموّه، خصصه لشؤون أسر شهداء الوطن، حيث يتولى متابعة احتياجاتهم وتقديم أوجه الرعاية والاهتمام والدعم اللائق لأبناء الشهيد وأفراد أسرته، ونحن على خطى القيادة نمضي جميعاً، ونكرم في هذا اليوم الخالد من تاريخ دولتنا، تضحيات وعطاءات بلا حدود قدمها شهداء الوطن، ونوجه رسالة احترام وتقدير لأسرهم وذويهم وأمهاتهم، اللاتي ضربن المثل والقدوة في حب الوطن والتضحية.
لقد أكد الشهداء بدمائهم الذكية أن عزم الإماراتيين قوي، وكما يتقنون البناء وصنع التنمية وتحقيق التقدم وتوطيد الأمن، ويصنعون بهجة الحياة بأروع الإنجازات، فإنهم إذا دعا الداعي يلبون النداء، يجنحون للسلم ويسعون إليه، لكنهم لا يهابون أهوال الحروب، ولا يترددون في مواجهة الأخطار، يتقدمون ويخوضون المعارك باقتدار، ويحبطون الشرور في مهدها، ويشاركون الإنسانية في معالجة أوجاعها ومداواة جروحها، لتثبت الإمارات للجميع وهي تحيي تضحيات وبطولات خلد بها شهداء الوطن اسم بلادهم، أنها دولة رائدة في نشر السلام ودعم الاستقرار في العالم، وتؤكد بوضوح أنها كرست نفسها عبر تاريخها كله لاعباً أساسياً وشريكاً هاماً في إنجاح مبادرات السلام على المستوى الإقليمي والدولي، حيث يسجل تاريخ الإنسانية بأحرف من نور للإمارات وقيادتها الرشيدة، عدداً من المبادرات التاريخية، أسهمت في نشر ثقافة التسامح والسلام في العالم، ونزع فتيل عدد من الأزمات والتخفيف من حدتها، والوقوف حائط صد أمام أفكار التطرف والتشدد. 
إن سيرة شهداء الوطن الذين تعاقبت مواكبهم عبر التاريخ ستظل خالدة في الوجدان وأوسمة شرف وفخر نعتز بها، يتخذها الأفراد مثلاً وقدوة حسنة، ويجسدها المجتمع تماسكاً وتلاحماً، وتلتزمها الدولة رعايةً وتكريماً لأبناء الشهداء وأسرهم، فالشهادة هي أعلى درجات الإخلاص والتفاني في حب الوطن، والأمم العظيمة تُبنى بالتضحية وصادق الانتماء. كل التحايا لشهدائنا الأبطال الذين قدموا لوطنهم أعظم عطاء، نستلهم منهم قيم الشجاعة والإخلاص والتضحية، فتحية إجلال وتقدير لهؤلاء الأبطال، سائلين المولى عز وجل أن يرحمهم ويسكنهم فسيح جناته.