أثار تعاقد نادي النصر السعودي مع النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو ضجة كبيرة، وانقسم الناس بين مؤيد ومعارض بسبب قيمة الصفقة، وتساءل البعض إن كان استقطاب لاعب، يبلغ من العمر 37 عاماً، يستحق 200 مليون يورو؟ أم أن للصفقة أغراض أخرى؟!
من المؤكد أن النصر السعودي لم يتعاقد مع رونالدو ليلعب مع فريقه فقط، بل لا بد وأن للمسألة وجهاً تسويقياً. فرونالدو لاعب «أسطوري»، وهو الأكثر متابعة في العالم عبر الأنستغرام، حيث وصل عدد متابعيه إلى 526 مليوناً، والمؤثر الأعلى أجراً في العالم إذ يتقاضى 2.4 مليون يورو عن المنشور الواحد، أما في «فيسبوك»، فيحظى بمتابعة 158 مليوناً، في ما يتابعه عبر «تويتر» 106 ملايين شخص، وهو سفير وكالات تجارية عالمية للساعات والأحذية والملابس مثل نايكي التي جنت 474 مليون دولار منذ تعاقدها معه قبل عشرة أعوام وفق تقرير مجلة «فوربس». هذا إلى جانب العلامة التجارية التي يملكها هو والمتخصصة بالملابس والعطور والأحذية والنظارات.
منذ أن حل النجم البرتغالي في ناديه الجديد، «النصر»، تحولت كل عدسات المصورين ووكالات الأنباء نحو السعودية لمتابعة مجريات الصفقة. على المستوى الفني سيكون رونالدو مع تحدٍ جديد، وعلى المستوى الاقتصادي شهد حساب نادي النصر قفزة تاريخية في إنستغرام من جهة عدد المتابعين بعد إتمام الصفقة، فوصل عددهم إلى أكثر من 10 ملايين متابع مقابل نحو 860 ألفاً قبل ذلك. وحسب موقع «ترانسفير ماركت»، ارتفعت القيمة السوقية للنادي إلى قرابة 80 مليون يورو بزيادة بلغت 34% وبفارق يصل إلى 30 مليوناً عن أقرب منافسيه. 

الصفقة من شأنها أن توفر للنادي السعودي عائدات مالية ضخمة بسبب عقود الرعاية وتزايد الإقبال على حضور مباريات الفريق، وبيع قميص رونالدو في كل العالم، ولهذا فإن الصفقة ستوفر دعماً قوياً لموارد النادي المالية يجعله قادراً على تغطية القيمة الكبيرة التي دُفعت لاستقطاب رونالدو، والذي لم يكن أول لاعب عالمي ينتقل إلى منطقة الخليج، فقد سبقه جورج ويا - رئيس ليبيريا حالياً - حيث تعاقد معه نادي الجزيرة الإماراتي بين عامي 2001 و2003، وهو واحد من ألمع نجوم الكرة، وربما هو الأفريقي الوحيد الحاصل على جائزة أفضل لاعب في العالم.
إن الضجة التي صاحبت انتقال رونالدو لنادي «النصر» مختلفة. فمع الفكر الاحترافي الراهن وتطور عمليات التسويق بات من الممكن تحقيق عائد مالي وجماهيري كبير جداً، وبالتالي فإن وجوده في المملكة سيجذب الأنظار للدوري السعودي وللمملكة عموماً.
بعد غد الخميس سيكون الظهور الأول للنجم البرتغالي في الملاعب السعودية، فجذب أكثر من مليوني شخص أرادوا حجز مقاعدهم لحضور اللقاء الذي يجمع بين نجوم «الهلال» و«النصر» بقيادة رونالدو لمواجهة باريس سان جيرمان بقيادة ميسي كما أعلن تركي آل الشيخ رئيس «الهيئة العامة للترفيه».
كل ذلك ينسجم مع أهداف المملكة التي تتطلع إلى استقطاب 100 مليون زائر بحلول عام 2030 لتكون حينها بين أكثر 5 دول استقبالاً للسياح على مستوى العالم، وهو ما يمكن أن يرفع إسهام قطاع السياحة في الناتج المحلي من 3% إلى 10%، ولعل نمو حركة العمران لمشاريع عقارية عملاقة يفسر ما تعمل عليه المملكة.
هذا هو الاستثمار الذي لا يتوقف عند الرقم الذي تم دفعه مقابل التعاقد مع نجم سيكون حجم الاستفادة والعائد من ورائه أكبر بكثير، الأمر الذي يؤكد أن الصفقة ليست رياضية فقط، وظني أن المملكة ستجني أضعاف ما أنفقت والأيام قادمة.