ظاهرة «البودكاست» التي تنمو بـ«الميديا» حالياً كثيرٌ منها مخترق من قبل تيارات الإسلام السياسي، يبدون بمظاهر حديثة، و«ستايلات» جديدة، وإنما بمضمونها ورسالتها تخدم الإسلام السياسي.

البعض يعتبر الشكل هو الحكم، بينما لدينا نموذج دال بل بالغ الدلالة ممثلاً بطارق رمضان المغرق بحداثته اللغوية وهو «الإخواني» الجلِد. لا يعدّ طارق رمضان أن وصول الإسلام السياسي لذروته تعني نهايته، بل تعني «أن الإسلام السياسي يشهد تحولاً... وأحد جوانب هذا التحول يتجسد في الطريقة التي يتعامل بها الإسلاميون مع هويتهم داخل المجتمع وبين أنفسهم، ففي داخل المجتمع نجد أن هذه الجماعات تفضّل فتح قنواتٍ لإدخال فهمٍ جديد»، ثم يشيد بتحول خطاب «الإخوان» وحزب «النهضة» تجاه مفاهيم الدولة والشراكة والمرأة.

في نقدٍ من الداخل للتصويب لا للهدم، يعدّ الخلل الأساسي للحركات الإسلامية في المجتمعات العربية، أنها تغلغلت بفضل العمل الخيري والنفوذ الاجتماعي والشعبي، ولكنها لم تصل للمهمة الرئيسية، وهي إيجاد النظرية الحقيقية للحكم انطلاقاً من الفهم الذي يؤمنون به حيث الإسلام «دين ودولة»، حتى مفهوم الحاكمية بالنسبة للمنظرين الإسلاميين المجددين داخل الحركة، مثل حسن الترابي وغيره يرون إمكانية طيّه أو دفنه داخل النظرية الأعم للإسلاميين، وهي تكوين نمط الدولة الذي يمزج بين الخلافة وبين الحكومة، بمعنى آخر وبشكلٍ أفصح يأخذ على الحركيين المباشرة في تنفيذ الأيديولوجيا، بدلاً من المواربة والقدرة على تغيير الشكل والطريقة وإن لم يختلف الهدف.

صرّح رمضان بأنهم: «يشكِّلون حركة متجانسة. كان الشباب نقطة انطلاق الانتفاضات، لكنّ جزءاً منهم كان من الجيل الإسلامي الشاب الذي أدخل إلى الحركة الجيل الأكبر سناً أيضاً».

رمضان يؤكد أن الإسلام السياسي لم ينتهِ وإنما يتغير ويتحول، ويطالب بضرورة «إيجاد توازن، بحيث لا نسمح لسلطة الدين بأن تهيمن على الدولة، وألا نفصل الأخلاق عن السياسة. يقول لي بعض الناس إنهم لا يريدون أن يكون للدين دور في الدولة، لكن هل تريدون أن تسيطر جماعات الضغط الاقتصادي على الدولة؟ لأننا في نهاية المطاف نجد أن عديداً من هياكل الدولة الغربية خالية من الدين، لكنها ليست خالية من جماعات الضغط، وليست خالية من القوى الاقتصادية غير الديمقراطية»، ثم يؤمّل في الجيل الشاب في صياغة استقلال الدولة.

مزاعم طارق رمضان توضح كيفية التنظير للتغلغل في وسائل الإعلام والمؤسسات، وسيل البرامج و«البودكاست» في المنطقة اليوم يأتي ضمن إطار التأقلم الذي تجيده حركة «الإخوان» الإرهابية كي تنفذ بزيها الحديث وأشكالها المتغيرة والمتلونة. الخلاصة أن الحذر من الواجب، والمحاذير كثيرة، وبخاصة ونحن نشهد محاولة استعادة التثوير.

* كاتب سعودي