ما زلنا غير متأكدين تماماً من سبب اصطدام قطار كوروماندل إكسبرس الهندي الشهير في قطار شحن في وقت متأخر من أحد الأيام القليلة الماضية، في حادث أودى بحياة أكثر من 300 شخص. لكن من المحتمل فيما يبدو أن شيئاً ما عادياً مثل خطأ الإشارة قد يكون هو السبب، حيث تم توجيه القطار السريع على المسارات الخاطئة نحو عربات البضائع المتوقفة المحملة بخام الحديد. وصدمت المأساة الهنود ليس فقط لأن الكثير منهم ماتوا، ولكن لأننا اعتدنا على فكرة أن السفر بالسكك الحديدية في هذا البلد أصبح أكثر أماناً. وقبل بضع سنوات، احتفلنا بسنتين متتاليتين لم يقتل خلالها أحد في حوادث القطارات. ونشرت الحكومة على نطاق واسع استثماراتها في السكك الحديدية الهندية، وظهرت صورة رئيس الوزراء نفسه على أحد القطارات السريعة. 
على مدى العقود الماضية، بُذل جهد كبير في ترقية الإشارات، وإغلاق المعابر المتقاطعة مع السكك الحديدية، وغيرها من السبل الأخرى لجعل خطوط السكك الحديدية الهندية أكثر أماناً. ونظراً لأن العمل الجاد المتمثل في ترقية السلامة وتحسين تجربة العملاء، أو زيادة الوصول في الوقت المحدد، ليس ساحراً للغاية، فإن الحكومة تركز أكثر على استعراض قطاراتها الجديدة وغيرها من الابتكارات الرائعة. وهذه واحدة من أكبر المخاطر حين يتعلق الأمر بسياسة البنية التحتية. فالإصلاح والترميم والصيانة فقط لا تمنح الناخبين الشعور بالإثارة الذي يحدثه قطار جديد لامع. والسياسيون يريدون منحَ ناخبيهم شيئاً جديداً يفرحون به كل بضعة أسابيع. ولهذا السبب فهم، لأسباب انتخابية، يحبون المشروعات الكبيرة. وقد خطط بوريس جونسون لإنفاق 5 مليارات جنيه إسترليني على خطة البنية التحتية. كما اشتهر برغبته في إنفاق مئات المليارات على جسر يؤدي إلى أيرلندا الشمالية. 
وقد وعد مودي بإنشاء «قطار سريع» جديد بين مومباي وأحمد آباد عاصمة ولايته الأصلية جوجارات. ولدى الحكومة أيضاً خطط ضخمة من المقرر أن تكلف 168 مليار دولار، لربط جميع أنهار الهند معاً. ومن الأفضل أحياناً أن تفكر على نطاق صغير بدلاً من التفكير على نطاق واسع. فالعمل في البنية التحتية أقل جاذبية، لكنه قد يكون أكثر فائدةً على المدى الطويل من بناء واجهة فاخرة. والمشروعات الناجحة حقاً هي تلك التي تغير حياة قسم كبير من الناخبين. وكانت جهود حكومة مودي لجعل مزيد من المنازل تستخدم أسطوانات الغاز للطهي، أو توصيل الكهرباء لها، هي التي جعلته يفوز بالأصوات. 
وخلال السنوات الماضية ضاعفت الهندُ الإنفاقَ على السكك الحديدية. والميزانية الاتحادية لهذا العام خصصت عشرة تريليونات روبية (120 مليار دولار) للاستثمار الرأسمالي، نصفها تقريباً للبنية التحتية للنقل. ونحو نصف هذا المبلغ، أي 29 مليار دولار، من المقرر أن يذهب إلى السكك الحديدية الهندية. لكن تم تخصيص جزء صغير فقط من الأموال لصندوق أمان خاص كان، على أي حال، متعثراً لأن السكك الحديدية لم تقم بتقديم مبالغ تعادل الأموال الاتحادية. وتكثف دولٌ غربية كثيرة إنفاقها على البنية التحتية، منها الولايات المتحدة التي خصصت لهذا الغرض 1.2 تريليون دولار في عام 2021.. لذا يجب الانتباه لمحاذير المشروعات الكبيرة.
قد لا تنجح المشروعات العملاقة، لذا فقد اضطر جونسون إلى تقليص خططه بشكل واضح لربط السكك الحديدية عالية السرعة بشمال بريطانيا، وتحولت حديقة الديناصورات في إسطنبول إلى أرض مقفرة مليئة بالألعاب المهجورة. وكان من المفترض بناء قطار الهند السريع في الوقت المناسب لإجراء الانتخابات العامة العام المقبل، وإذا اكتمل قبل الانتخابات التالية بعد ذلك، أي في عام 2029، سيكون هذا من حسن الحظ. والأسوأ من ذلك، أن المشروعات الضخمة تحتكر أموالاً كان ينبغي صرفها على الأساسيات مثل إحلال وتجديد قضبان السكك الحديدية. ومن المفترض أن تعمل أحدث قطارات الهند «فائقة السرعة» بسرعة 180 كيلومتراً في الساعة، لكن نظراً لأن قضبان السكك الحديدية التي تسير عليها لم يتم تحديثها، فإنها ما زالت تسير بسرعة تتراوح بين 80 و90 كيلومتراً في الساعة، أي بمثل سرعة القطارات التي حلت محلها. والأهم من ذلك، يحتاج المسافرون والمهاجرون في الهند إلى رحلات سكك حديدية آمنة ومريحة أكثر بكثير مما يحتاجون استخدام القطارات السريعة. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»