شهد العام 2023 ظواهر مختلفة، بعضها إيجابي وبعضها سلبي، سواء على المستوى الداخلي للدول، أم على مستوى العلاقات الدولية.
ومن الظواهر الإيجابية فيما يتعلق بالدولة الوطنية والتنمية المستدامة ذات الأبعاد العالمية، مؤتمر «كوب 28» حول تغير المناخ الذي استضافته دولة الإمارات العربية المتحدة، وحقق نتائج بالغة النجاح والجدية بفضل جودة التخطيط، والمكانة العالمية للدولة وعلائقها الوثيقة بالدول الكبرى ذات الوزن في مجال التأثير على الحرب ضد التلوث، وفي دعم الدول والمجتمعات التي لا تملك قدرات الوقاية والمكافحة.
بيد أنّ الظواهر السلبية كانت ملحوظةً أيضاً وبخاصةٍ ما يتعلق بالحروب، ولا سيما الحرب الروسية الأوكرانية التي مضى عليها أكثر من عام، والحرب في قطاع غزة من جانب إسرائيل بعد هجومٍ من جانب حركة «حماس» انطلاقاً من القطاع ضد مستوطنات غلاف غزة.
في الحرب الروسية الأوكرانية، تمكنت روسيا من السيطرة منطقتين على الحدود بينها وبين أوكرانيا بحجة أنّ فيهما أكثرية شعبية روسية. ومنذ ذلك الحين تحاول أوكرانيا بمساعدة الولايات المتحدة وأوروبا استعادة المنطقتين، إضافةً لشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014. تعددت الوساطات لإيقاف الحرب ومنها مشروع صيني، كما نوقشت الحرب مراراً في مجلس الأمن الدولي، دون أن يكون ذلك ممكناً بسبب استخدام الدول الكبرى لحقّ الفيتو.
لقد حدث ضرر كبير في المجال الدولي بسبب تلك الحرب، لأنه حصل استقطاب كبير بين القوى الغربية المشاركة في حلف شمال الأطلسي (الناتو) من جهة وروسيا الاتحادية من جهةٍ أُخرى. لقد حصلت قطيعةٌ سياسيةٌ واقتصاديةً وعقوبات بدلاً من سياسة الاعتماد المتبادل التي كانت تتنامى من قبل. كما حصلت احتقانات وصعوبات في مجال الطاقة والغذاء بتبادل الحظر والحصارات. ولذا هناك حاجة شديدة إلى وقفٍ لإطلاق النار والانفراجات التي تعيد الأمور إلى سابق عهدها. وتبرز الصعوبات في التوصل إلى وقفٍ للنار ومفاوضات في عدم وجود الوسطاء الذين يمونون على الطرفين. فالصين منحازةٌ إلى روسيا، والدول الغربية كلها منحازة إلى أوكرانيا وتدعمها بالمال والسلاح. وقد حاولت تركيا والدول العربية التوسط، فنجحت تركيا جزئياً في مسألة الغذاء، ونجحت الدول العربية في عمليات تبادل الأسرى.
وحدث توتر بين الصين والولايات المتحدة تجاوز المجال الاقتصادي إلى ملف تايوان. وما انقطعت المحادثات بين الطرفين، لكنّ التوتر ما تراجع كثيراً.
ويدور صراعٌ رهيبٌ على قطاع غزة وفيه لأنّ إسرائيل قامت بغزوٍ بريٍّ للقطاع بعد هجوم «حماس» في السابع من أكتوبر على مستوطنات غلاف غزة. وتكاد تمضي ثلاثة أشهر على بدء الحرب دون أن يكون هناك أفق واضح لوقف النار، وقد سقط آلاف القتلى من الأطفال والنساء، وضعفهم وأكثر من الجرحى والمصابين.
وبخلاف الحرب الروسية الأوكرانية، فإنّ الوسطاء في حرب غزة كثيرون رغم الميول المتضاربة للأطراف. إذ بعد أهوال الحرب هناك شبه إجماع على وقف النار والاتجاه للتفاوض على تبادل الأسرى.
إنّ الجديد في عام 2024 ينطلق من العمل الحثيث لوقف الحرب في كل من غزة وأوكرانيا، وهو الأمر الذي تنعقد عليه الآمال لإنقاذ الإنسان والعمران ومراعاة القوانين الدولية وحقوق الإنسان.

*أستاذ الدراسات الإسلامية - جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية