في عام 1980 كان خُمس أطفال العالم من مواليد خارج الزواج. في العام الماضي (2023) ارتفعت النسبة إلى الخمسين.. فماذا يحدث للأسرة في العالم؟
قد تبدو تلك الأرقام صادمة، لكن لعل الأشد منها هو أن حوالي 70 في المائة من أطفال آيسلندا هم من خارج الزواج! الدراسات الاجتماعية في الولايات المتحدة تؤكد أن نسبة الفقراء بين الأطفال الذين يعيشون في أسرة مع أب وأم تبلغ 7.5 بالمائة. وأن هذه النسبة ترتفع إلى 35 بالمائة بالنسبة للأطفال الذين يعيشون مع أحد الوالدين فقط. والأمر الآخر الملفت هو أن ثلثي المواليد في الولايات المتحدة حالياً يولدون خارج الزواج. وبالطبع فإن تشقق الأسرة يعني تشقق المجتمع، والمجتمع المتشقق يشكل قنبلة موقوتة سريعة الانفجار، والعالم كله مزروع بمثل هذه القنابل!
وتترافق هذه الظاهرة الاجتماعية مع ظاهرة أخرى مثيرة للاهتمام أيضاً سجّلها علماء الاجتماع، وخلاصتها أنه منذ عام 1950 يزداد المعدل الوسطي لعمر الإنسان سنوياً. وتتوقع هذه الدراسات العلمية أنه في عام 2050 سوف يرتفع عدد المسنين الذين يبلغون المائة من العمر إلى 1.7 مليون إنسان. أي أكثر ثلاث مرات مما كان عليه الوضع في عام 2015.
تتكامل الظاهرتان الرئيسيتان، ظاهرة تفكك الأسرة نتيجة الإنجاب خارج الزواج، وظاهرة العمر المديد نتيجةً لتقدم الطب الوقائي، في صياغة مستقبل مجتمعات الغد في العالم. فأي حياة تنتظر الأجيال المقبلة؟
عندما كانت الملكة إليزابيت الأولى ملكة بريطانيا على فراش الموت قالت، ولعل ذلك كان آخر ما قالته: «خذوا كل ما أملك وأعطوني لحظة من الوقت». لكن الموت يدرك الجميع ولو كانوا في بروج مشيدة: «وإن جاء أجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون»، كما يذكر القرآن الكريم.
يُجمع الأطباء على أنه مع تقدّم العمر تموت خلايا داخل جسم الإنسان وتتوقف عن العمل، وأن الخلايا الميتة التي لم يعد لها أي فائدة تشكل مصدراً للعديد من الأمراض المرتبطة بالشيخوخة. ولذا يتوجه العلم الحديث نحو تدمير هذه الخلايا قبل أن تفتك بالإنسان من الداخل. لكن المحاولات العلمية التي جرت حتى الآن اصطدمت بواقع مرير وهو أن تدمير الخلايا الميتة يعرّض في الوقت ذاته الخلايا الحية للهجوم القاتل. فتصبح العملية مثل القصف العشوائي الذي يصيب خلايا الجسم دون تمييز، فيقضي على الصالح والطالح، على الحيّ والميت منها دون استثناء. وبانتظار تحديد علامات مميزة للخلايا الميتة، ومكان تواجدها يصبح لكل حادث حديث.
ويبدو أن «حادث الحديث» لم يعد بعيداً، أو أنه لم يعد مستحيلاً نظرياً وطبياً، فالعلماء يعرفون الآن أن في خلايا الجسم وحدات خاصة توجه التعليمات المتعلقة بتفعيل هذه الخلية أو بإهمالها حتى تلفظ أنفاسها الأخيرة. والبحث جار الآن للاتصال والتواصل مع هذه الخلايا لحثّها على ضخّ المزيد من الحياة في الخلايا التي بدأت تعاني الشيخوخة. إذا حدث ذلك فمعناه تأخير سنّ الشيخوخة إلى ما بعد المائة.. في أُسر أفرادها من خارج الزواج.
 
*كاتب لبناني