كرة القدم غالباً ما يتابعونها عشاقها مهما كانوا مشغولين، وأنا أحدهم. فالحديث عن الكرة يشغل حيزاً كبيراً من حوارات الشارع العربي في ظل تزامن أكبر بطولتين قاريتين في آسيا وأفريقيا، والمشاركة الواسعة لمنتخباتنا العربية.
البطولتان بدأتا وسط آمال عريضة بأن يكون اللقب عربياً هنا وهناك، لكن الصدمة في ملاعب أفريقيا بدأت مبكراً بخروج المنتخبين التونسي والجزائري قبل أن تتبعهما منتخبات مصر وموريتانيا والمغرب، ليبقى دور الثمانية في البطولة خالياً من العرب. أما على الصعيد الآسيوي فقد ودعت البطولة أيضاً منتخبات البحرين والسعودية والعراق وفلسطين والإمارات.
في منافسات كأس آسيا المقامة حالياً في قطر كنت أمنّي النفس بفوز منتخب الإمارات الأبيض، لكنه خسر مباراته في الدور الـ16 بضربات الجزاء أمام طاجيكستان، ففقد فرصة البقاء في البطولة. وعلى الرغم من فوز فريقنا على فريق هونغ كونغ، وتعادله مع منتخب فلسطين، ثم خسارته أمام منتخب إيران، إلا أن أداء فريقنا لم يكن الأفضل. ولعل عوامل كثيرة تسببت في خروج «الأبيض» من هذه البطولة القارية.
لاعبونا استهانوا بالفريق الطاجيكي، وبشروا قبل الأوان بأنهم سيتخطون منافسهم «المغمور» -حسب رأيهم- كونه يشارك في البطولة لأول مرة في تاريخه، متجاهلين أن الكرة لها قانونها الذي قد يصدم أعتى الفرق، وهو ما حدث ويحدث دائماً، فمن كان يصدق - على سبيل المثال لا الحصر - أن «الأخضر» السعودي يفوز على أرجنتين ميسي!
لا استبعد أن يكون هذا النمط من التفكير - أي التقليل من شأن الفريق المنافس - قد تسرب إلى لاعبينا والجهاز الفني ليكون ذلك أحد أسباب خسارتهم، إلى جانب غياب هدّافه علي مبخوت. شخصياً. لا أريد الخوض بالأمور الفنية لأنها من اختصاص المدير الفني البرتغالي باولو بينتو، ومع ذلك لفت انتباهي التناقض بين أقواله وأفعاله. فهو من اختار قائمة الفريق المشارك في البطولة بعد التأكد من جاهزية كافة اللاعبين. كلهم كانوا موجودين باستثناء مبخوت، وقد برر بينتو غيابه بأنه مصاب!
هذه الإجابة تحتاج إلى وقفة، وربما على اتحاد الكرة الاستماع إلى بينتو ومناقشته بشأن جاهزية اللاعبين، وإن صحّ أن مبخوت كان مصاباً فلماذا شغل مكاناً في قائمة الفريق؟ ثم أي أي أساس وُضع على دكة الاحتياط في مباراتي هونج كونج وفلسطين؟!
مبخوت بالذات - وحسب خبراء اللعبة - يمتلك سجلاً رائعاً في كأس آسيا، كما يُعدّ أفضل هدّاف في تاريخ منتخب الإمارات برصيد 85 هدفاً دولياً في 111 مباراة، وهو من أفضل الهدّافين العرب الدوليين، بالإضافة لكونه سادس أفضل هدّاف دولي في التاريخ في قائمة تضم رونالدو وميسي.
وحالنا مع منتخبنا الأبيض لا يختلف كثيراً عن بقية الأشقاء مع منتخباتهم بعد إخفاق تلك المنتخبات في هاتين البطولتين. ففي مصر ثمة احتقان كبير ضد المدير الفني واتحاد الكرة، والأمر ذاته في تونس والجزائر، وما حدث مع مدرب الفراعنة البرتغالي روى فيتوريا تكرر مع الإيطالي مدرب «الأخضر» السعودي روبيرتو مانشيني الذي آثار غضب الإعلام والجماهير.
على أية حال، اعتذار لاعبونا للجمهور بسبب إخفاقهم في تحقيق المراد ينم عن إحساس عميق بالمسؤولية، ولا شك أن الجمهور المحب لفريقه سيطوي هذه الصفحة وينظر نحو المستقبل، وهو على ثقة بأن الفريق سيكون عند حسن الظن. الأيام قادمة، وسيواجه منتخبنا منافسين عدة خلال تصفيات المونديال الذي طال غيابنا عنه منذ جيل عدنان الطلياني في إيطاليا عام 1990. فهل سيكون لنا نصيب فيما سيأتي؟ هذا هو الأمل والطموح.