لا يزال الإرهاب أحد أخطر التهديدات والتحديات التي تواجه العالم، إذ تتعرض العديد من البلدان لتهديدات إرهابية من أفراد أو جماعات محلية أو دولية، ما يتطلب الاستعداد المستمر والاستباقي لمواجهة الخطر الذي تتغير وسائله وأدواته وجغرافيته وأهدافه، وهو ما يفرض ضرورة وضع استراتيجيات مرنة لحماية الدول ومصالحها ومواطنيها من الإرهاب.

وفي كل الأحوال، لا شيء يمكن أن يبرر الإرهاب الذي يزهق الأرواح ويدمر الممتلكات، فهو عائق أمام السلام والأمن والتنمية، ومع تعاظم التحديات باستمرار التهديدات الإرهابية، على المجتمع الدولي العمل المشترك لتعزيز الأمن والاستقرار في كل نقطة تحوي المتطرفين والإرهابيين.

لطالما تحاول الجماعات الإرهابية العبور عبر أي منفذ لإعلان وجودها واستمرارها؛ وخاصة إذ كانت متغلغلة في بلد يرفض أيديولوجية الارهاب والتطرف والدمار الذي تمارسه هذه الجماعات على مدى السنوات، فالإرهاب زعزع استقرار الصومال بشكل كبير، وأدى إلى تدمير البنية التحتية وفاقم الفقر، وبالتالي فهو يسعى للقضاء على أي أمل في مستقبل هذا البلد العربي الذي يمتلك تاريخاً عريقاً، ومع تخلي المجتمع الدولي عنه، وتوقيع عقوبات عليه، كانت الإمارات عوناً للمؤسسات الصومالية في مكافحة الإرهاب؛ وخاصة فيما يتعلق بتوفير التدريب اللازم للشرطة والجيش للحفاظ على الأمن والاستقرار، الذي عُد مفتاحاً لأي جهد يستهدف تحقيق التنمية وإطلاق جهود البناء.

إن دولة الإمارات لديها التزام على الدوام بالتصدي للإرهاب ومحاربة الأيدولوجيات المتطرفة، التي تتجاوز الحدود والأديان، لذا فهو يشمل المكافحة العسكرية والأمنية ومعالجة الأفكار والأسباب الجذرية للتطرف ومواجهة عمليات التجنيد وتمويل الإرهاب وتفعيل الحوار حول التعايش والتآخي بين مختلف الثقافات، والتعاون مع المجتمع الدولي في مواجهة الظاهرة الإرهابية الدولية. بغدر ودناءة، تعرض جنود الجيش الإماراتي وضابط بحريني لهجوم إرهابي في مقديشو، تبنّته حركة «الشباب» المتطرّفة، المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، في وقت كان يؤدي الجنود والضابط تدريبات تأهيلية للقوات المسلّحة الصومالية، ضمن اتفاقية تعاون عسكري مع مقديشو، لذا كانت الإدانة الأولى من الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، للعملية الإرهابية، إذ قال: «هؤلاء الضباط كرسوا وقتهم من أجل الشعب والحكومة الصومالية».

تطرح العملية الإرهابية في الصومال تساؤلات على المجتمع الدولي بشأن إمكانية توسيع المكافحة المشتركة في بلد تفاقمت معاناته، والعمل من خلال تحالفات واسعة كالتحالف الدولي لمحاربة «داعش» للقضاء على الإرهاب في الصومال ودول أفريقية أخرى، فالإرهاب يقزم الدول لمصلحة جماعات العنف، ويدمر الاقتصاد، ما قد يتسبب في بيئة تسمح بتجنيد أعضاء جدد في كيانات متطرفة.

الشباب وقود ومحرك نهضة الأمم، وهم أيضاً المستهدفون بالتجنيد والتطرف، والمعالجة تبدأ من تحجيم التجنيد باستهداف قنواته عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، ومحاربة الأفكار العنيفة وتعزيز التسامح والتعددية وقبول الآخر، ويمكن نشر ثقافة التسامح والسلام من خلال الشباب لما لهم من قدرات في التواصل، وبوصفهم شركاء في سياسات مكافحة التطرف.

إن مكافحة الإرهاب عملية تحتاج إلى استراتيجية شاملة تبدأ من تعريف أنماط الإرهاب في العالم وتحديدها، ووضع خطة دولية تهدف إلى مواجهة الظاهرة في كل بقاع العالم على المستوى العسكري والأمني والاقتصادي والسياسي والثقافي، حتى تستطيع الدول الازدهار والتقدم من دون عوائق تضيع التنمية وتفقد الدول ما حققته من تقدم.

سيبقى موقف دولة الإمارات ثابتاً في مواجهة الإرهاب أفراداً كانوا أو جماعات، كما كانت دائماً في طليعة الدول التي تحارب الإرهاب والتطرف ضمن نهج شمولي يعتمد على أبعاد تشريعية وفكرية وأمنية، لمحاصرة المتطرفين، والهجوم الإرهابي في الصومال سيزيد عزيمة الإمارات على الإسهام في القضاء على الإرهاب في كل دولة يحتاج فيها الأشقاء إلى العون والمساعدة، فتلك الظاهرة تهدد مقدّرات العالم كله، وعلى الجميع عدم الانتظار حتى تخرج كيانات العنف والظلام عن السيطرة العالمية، والتعاون للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة.

*باحث رئيسي- رئيس قسم النشر- مركز تريندز للبحوث والاستشارات