قبل أيام بثت وزارة الدفاع الإماراتية نبأ استشهاد وإصابة عدد من منتسبي قواتها المسلحة والقوات المسلحة البحرينية إثر تعرضهم لعمل إرهابي أثناء تدريب القوات المسلحة الصومالية. الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أدان الحادث ووصفه بأنه عملية إرهابية شنيعة بحق جنود كرسوا وقتهم من أجل الشعب والحكومة الصومالية.

وهذا الحادث لم يستهدف الإمارات والبحرين وحدهما، ذلك أن الإرهابيين استهدفوا قبل ذلك الحادث الأليم بأيام قليلة سوقاً شعبياً في العاصمة مقديشو، فقتلوا وأصابوا عشرات الأبرياء. والإمارات من جانبها أدانت الهجوم مستنكرة تلك الأعمال الإجرامية، كما أعلنت عن رفضها للعنف والإرهاب الذي من شأنه أن يزعزع الأمن والاستقرار، ويبث الرعب في صفوف الناس.

وبقدر الحزن والألم الذي يعتصر القلب على شبابنا الذين كانوا يؤدون مهمتهم النبيلة، وحالة الغضب التي تأججت في النفس، إلا أن ذلك لن يمنع الإمارات من مكافحة الإرهاب، والتصدي له، ومحاولة اجتثاثه من جذوره، وهو ما يتفق مع القوانين الدولية ومصالح كثير من الدول التي تعمل على تحقيق ذات الهدف.

ولدى الإمارات اتفاقية تعاون عسكري مع الصومال، تنص على تقديم التدريب للقوات العسكرية الصومالية. هذا من جهة، ومن جهة ثانية «الإمارات حريصة على توطيد أواصر التعاون المشترك، وتعزيز العلاقات بما يحقق طموحات قيادتي وشعبي البلدين الشقيقين» كما صرح  أحمد جمعة الرميثي سفير الدولة في الصومال، أثناء لقائه بحمزة عبدي بري رئيس الوزراء الصومالي.

وتتمة لما سبق، فإن لدى الإمارات قيماً راسخة تتمثل في تقديم الدعم للشعوب في أوقات الحاجة والشدة، وهو ما فعلته مع الصومال من جهة تقديم الدعم الإنساني والإغاثي في المناطق المتضررة فيها جراء الفيضانات الأخيرة. بالإضافة إلى ذلك دعم المشاريع التنموية والحيوية في ذلك البلد.

وبالتنسيق مع الجهات المختصة في حكومة الصومال الشقيقة، قدمت الإمارات الدعم للقطاع الطبي الذي يعاني من تدهور شديد جراء الحروب والصراعات التي امتدت في البلد لأكثر من ربع قرن. وعليه فقد أعادت الإمارات افتتاح مستشفى الشيخ زايد في مقديشو بعد عملية ترميم شاملة له، وتركيب أجهزة ومعدات طبية فيه، ومن ثم تشغيله.

وعلى الرغم من أن الإمارات تعي جيداً مخاطر وتبعات ما تقوم به، إلا أنها لم تتوقع أن يتم استهداف المدنيين من أبناء ذلك البلد، والعسكريين الذين كانوا هناك من أجل تدريب قواته. لدى الإمارات رسالة سامية تؤمن بها، وهي دعم الصومال من أجل بسط السلم والأمان فيه وهو البلد الذي تنهشه الصراعات منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، ثم جاء الإرهابيون ليؤججوا نار الحرب ويزيدوا من سعيرها، ولم يتوقفوا عن جرائمهم بحق الناس بالدرجة الأولى منذ أن تأسست حركتهم التي ربطوها بالدين الإسلامي، لكنهم ليسوا إلا حركة مسلحة تتحكم حتى في حريات الناس الخاصة والعامة، وتريد السيطرة على مقدرات البلد.

وحتى البعثات الأممية لم تنج من أعمال تلك الحركة التي تعتمد نهج القرصنة والخطف وترويع الآمنين وقتل كل من لا يتبع نهجها، ذلك أن أعضاءها يؤمنون بأن من لا يؤيدهم في نهجهم وفيما يذهبون إليه فهو ضدهم، وبالتالي من السهولة أن يتخلصوا منه، وخصوصاً أولئك الذين ينشقون عنهم. ولن ننسى أن بعض مقاتلي الحركة قتلوا بعضهم بعضاً حين أعلنت مجموعة منهم مبايعة «داعش». نعم.. سيقتل بعضهم بعضاً ولو بعد حين. وإن غداً لناظره قريب.