في 12 يوليو 2012 أقرت الأمم المتحدة يوم 20 مارس من كل عام يوماً عالمياً للسعادة اعترافاً منها بأهمية السعادة والرفاه بوصفهما قيمتين عالميتين يتطلع إليهما جميع البشر وفي كل أنحاء العالم. ومع العلم أن السعادة ليس لها تعريف واحد متفق عليه بين الناس؛ لكن حسب تعريف الأمم المتحدة، فإن مفهوم السعادة هو: (مدى رضا الشخص عن حياته)، وحتى هذا التعريف مُختلف عليه، ذلك أن ما يرضي إنساناً في مكان ما من هذا العالم؛ قد لا يُرضي سواه. لكن دعونا نتفق على أنه من الجميل أن تهتم المنظمات الدولية بالسعادة.
وحسب التقرير العالمي لمؤشر السعادة العالمي، وبناء على شبكة «حلول التنمية المستدامة» التابعة للأمم المتحدة التي استطلعت آراء الشباب وكبار السن بالدرجة الأولى في 143 دولة؛ فقد تصدّرت القائمة فنلندا وللمرة السابعة على التوالي، تلتها في الترتيب بقية دول الشمال الأوروبي. وفي المقابل تراجعت السعادة كثيراً في أميركا الشمالية بين فئة الشباب، لتخرج الولايات المتحدة من قائمة الدول الـ20 الأكثر سعادة منذ صدور أول تقرير عام 2012 بعد أن كان مركزها 15، وكذلك الأمر في ألمانيا التي تراجعت من المركز الـ 16 إلى المركز الـ 24 ، في حين استطاعت بعض دول أوروبا الشرقية دخول القائمة مثل التشيك وليتوانيا. لكن بعض الدول جاءت في آخر القائمة مثل أفغانستان.
أما بالنسبة للدول العربية، فقد احتل بعضها تصنيفاً عالمياً وعربياً ممتازاً برأيي؛ مثل الكويت التي حلت في المرتبة الأولى والـ13 عالمياً، والإمارات التي حلت في المركز الثاني عربياً والـ22 عالمياً، والسعودية التي حلت ثالثةً عربياً وفي المركز الـ28 عالمياً.
النتائج التي تم الوصول إليها في الدول الغربية مفهومة أسبابها، وكذلك الأمر بالنسبة لبعض الدول العربية التي وصلت إلى قائمة الثلاثين عالمياً، وهي الكويت، الإمارات، السعودية، البحرين. وهذا ليس غريباً؛ لأن مستوى الحياة في تلك الدول ممتاز أو جيد جداً في عدد من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية. لكن من المؤسف أن نجد أن مؤشر السعادة في لبنان ينهار حتى المركز الأخير عالمياً ليتساوى مؤشر السعادة فيها مع ما في أفغانستان، في حين خرجت دول عربية نهائياً من التصنيف مثل سوريا.
المقلق بالنسبة لشبكة حلول التنمية المستدامة أن الهوة بين فئتي كبار السن والشباب حول مفهوم السعادة تتسع أكثر فأكثر في معظم دول العالم؛ ما عدا دول شمال أوروبا التي حافظت إلى حد بعيد على مؤشراتها السابقة على الرغم من وجود اختلافات بين فئتي الأطفال والشباب من جهة وكبار السن من جهة ثانية. فبينما تتصدر ليتوانيا قائمة الأطفال والشباب السعداء الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً، تتصدر الدنمارك القائمة لمن هم في سن 60 عاماً وما فوق.
لكن ماذا يمكن أن نقول عن السعادة عند كل من الأطفال والشباب وكبار السن في معظم دول العالم الثالث؟
السعادة يبحث عنها الإنسان خلال حياته من خلال حقوق يحصل عليها، ومستوى المعيشة والخدمات التي تحفظ له كرامته. ونحن هنا نتحدث عن السعادة بمعناها الذي يتفق عليه معظم الناس. ولكون السعادة هدفاً إنسانياً أساسياً؛ فقد شددت الأمم المتحدة على ضرورة التزام الحكومات والمنظمات الدولية بالاستثمار في الظروف التي تدعم السعادة، ومن بينها توفير نظام اجتماعي صحي، دعم حقوق الإنسان، تحقيق الرفاهية في المجتمعات، التنمية المستدامة، الحفاظ على البيئة، لكن أهم ما شددت عليه هو برأيي دعم السلام العالمي. وهذا معناه أن على الحكومات والمنظمات المعنية السعي بجدية للقضاء على الفقر وتحقيق السلام والمساواة بين أفراد المجتمع وتوفير العدالة ومحاربة الفساد وحماية كوكب الأرض. ولا شك كل ذلك يوفر بيئة صحية تسهم في بناء قاعدة صلبة لرفاهية الإنسان التي تبني سعادته.