قد لا تكون «تسفيكاو»، وهي مدينة تقع في شرق ألمانيا، مشهورةً مثل ديترويت الأميركية، لكن اقتصادَها يتمحور حول صناعة محركات الاحتراق الداخلي منذ أن أنشأ فيها «أغسطس هورش»، في مطلع القرن العشرين، شركةَ «أودي» التي هي اليوم جزء مجموعة «فولكس فاجن». مجموعةً من سيارات «فولكس فاجن»، وأودي الكهربائية على خط التجميع في المصنع التابع للمجموعة في تسفيكاو، وذلك بعد أن تم تحويله بالكامل من إنتاج سيارات البنزين والديزل إلى السيارات الكهربائية. وعندما أعلنت «فولكس فاجن» في عام 2018 البدء بتحويل مصنعها في تسفيكاو، وهو أكبر جهة توظيف خاصة في المنطقة، نحو تصنيع السيارات الكهربائية، كان الأمر صادماً ومحل تشكيك لدى الكثيرين، فيما بدا لبعضهم الآخر بمثابة «صفقة كبيرة». وأغلقت «فولكس فاجن» خطوطَ التجميع التي تنتج سياراتها الشهيرة من طراز «جولف»، وبدأت بتحويل المصنع نحو إنتاج ستة نماذج كهربائية.

وكانت هذه حالة نادرة لتحول مصنع سيارات كبير بالكامل من إنتاج سيارات الاحتراق الداخلي إلى سيارات طاقة البطارية، ما جعل تسفيكاو حالةً مثيرة في نظر مسؤولي صناعة السيارات في العالم. وتحتوي السيارات الكهربائية على أجزاء أقل بكثير من سيارات الطاقة الأحفورية، إذ لا توجد بها مشعات، ولا أنابيب عادم ولا خزانات وقود، ولا أحزمة مراوح ولا علب تروس معقدة.. ولذا فقد افترض العديدُ من عمال صناعة السيارات والمديرين التنفيذيين والساسة أن مثل هذه السيارات سوف تتطلب عدداً أقل من العمال، ما يؤدي إلى بطالة جماعية في مدن وبلدات مصانع السيارات في جميع أنحاء العالم. لكن مدينة تسفيكاو، حيث يعمل أكثر من 10 آلاف شخص لدى شركة فولكس فاجن، وعشرات الآلاف غيرهم لدى موردي سياراتها، استطاعت تَجنَّبَ العواقب الوخيمة لذلك التحول، إذ لم تسجل معدلات تشغيل العمالة انخفاضاً ملحوظاً، ولم يتعرض موردو قطع غيار مركبات الاحتراق للإفلاس بشكل جماعي. وتقدم تجربة تسفيكاو بعض الدروس المفعمة بالأمل لمصلحة مدن أخرى تعتمد حياتها على صناعة السيارات. وفي حين تشير تجربة تسفيكاو إلى أن التحول نحو السيارات الكهربائية لن يؤدي في حد ذاته إلى بؤس اقتصادي، فإن هذه التكنولوجيا وغيرها من التكنولوجيات الجديدة تعمل على زعزعة الصناعة بطرق قد تكون صادمةً للشركات القائمة، ولعمالها بالضرورة. وأحد الجوانب الكبيرة لهذا التحول في ألمانيا، وبقية بلدان الاتحاد الأوروبي الأخرى، هو النمو السريع لشركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية الناشئة، والتي تجتذب العملاء بشكل متزايد على حساب المنافسين الراسخين مثل فولكس فاجن، ثاني أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم بعد «تويوتا».

(الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)