إن تمكين الوعي الاجتماعي من غسل الصور الزائفة والمُحرَّفة التي أقحمت في فعلنا الثقافي والاجتماعي إقحاماً كنتيجة لتداعيات عدد من التغيرات العامة على مختلف الأصعدة الحياتية والتوصل إلى شكل موضوعي يعبر عن الارتقاء بالفهم والتفكير والتصوير إلى الممارسات المجتمعية في ما يتعلق بأنماط فعلنا الاجتماعي والثقافي وما تعززه وتكرس له وسائل الإعلام المضادة من صورة قِشرية لمجتمعاتنا العربية والإسلامية. إن الوعي الاجتماعي يمثل ثورة من، وضد، المجتمع من أجل إعادة صباغة كل الأبنية الثقافية والاجتماعية التي تكرِّس لانتهاك قيمنا الإسلامية والعربية الأصيلة وتعزز من إبراز صورة مُحرَّفة لها. وعليه فإن إحداث أي تغيير في عمل أي نمط من أنماط السلوك الاجتماعي يتطلب إحداث تعيير مُوازٍ في مفاهيم أفراد المجتمع وذلك بلاشك، يتطلب إحداث تغيير جوهري وأساسي في أدوار المؤسسات التربوية في المقام الأول ثم المؤسسات الإعلامية المرئي منها أو المسموع والمقروء. إن علينا دوماً تجنب الغث والهابط من الثقافات التجارية الاستهلاكية والاتجاه نحو الثقافات الراقية والمتمثلة في إنسانيتها وعالميتها كالقيم الإنسانية الخالدة والفن الإنساني الراقي الخالد، فوسائل الإعلام يقع عليها عبء اجتماعي وتربوي وثقافي كبير من قبل الأمة، وعليها أن تضع نصب عينيها الالتزام بالصدق الخلقي والفني، وأن تكون على بينة تامة باحتياجات المجتمع ومقوماته. ويجب بالتالي أن تعمل من أجل الحصول على نوعية أفضل دائماً مما تقدمه لأفراد المجتمع، وهذه ليست معرفة بالمثالية طالما أننا نعرف ونقر بأنه ينبغي أن تظل هنالك دائماً مساحة للإحساس بالجمال والمشاهد الراقية. فالثقافة هي الثقافة ذات الأثر غير الخفي سواء كانت تمر عبر الوسائل المسموعة أم المرئية أم المقروءة بما فيها مجلات الأسرة والمرأة والمجتمع عموماً، فيمكن أن تتجه هذه المجلات إلى الجدية والابتعاد عن الاستغراق في ثقافات ومعارف قشرية، بل ينبغي السعي نحو الارتقاء بالمفاهيم والقيم داخل كيانات المجتمع فلابد من بث الأفكار والمعلومات والقيم التي تحافظ على ثقافة المجتمع وتساعد على تطبيع أفراده وتنشئتهم على المبادئ القويمة الفاضلة. ينبغي التوظيف السليم للقيم الفنية والقدرات التأثيرية -كالصور مثلاً- وذلك من خلال العمل على تكريس الوعي الاجتماعي والثقافي وإلغاء الزيف المضروب على مجتمعاتنا بمختلف شرائحها الأسرية والاجتماعية، فترقية الإحساس بهذه القيم الفنية الراقية التي تمتلكها المجلات يساعد على تقوية تأثيرها لدى القارئ الأمر الذي يهيئها فعلاً لمهمة التوعية والتثقيف وزيادة الوعي. ينبغي أن يتكامل دور الوسائط الإعلامية المتعددة في سبيل تعزيز الشخصية الاجتماعية التي تؤثر في البناء الاجتماعي والثقافي والقيمي حيث يمكن أن تكون قوة لاحمة تساعد على مزيد من استقرار البنية الاجتماعية بدلاً من تحويلها -في ظروف خاصة - لتصير قوة تفجير تعمل على تحطيم البنية الاجتماعية، فالعلاقة بين الشخصية الاجتماعية والبنية الاجتماعية، لا يمكن أن تكون ساكنة أبداً لأن طرفي هذه العلاقة صيرورتان دائمتا التغيير، وأي تغيير يطرأ على إحداهما يعني بالضرورة تغييراً في الأخرى. فلنسمع إذن من أجل أن يكون تغيير البنية الاجتماعية إيجابياً دائماً. إذن فإن تكريس مثل هذا النوع من الثقافة المزيفة المحرفة من شأنه أن يؤثر في البنية الاجتماعية وبالتالي الثقافية والاقتصادية ويؤثر في وعي المجتمع بهذه المفاهيم . إذ إن الوعي الاجتماعي جزء لا يتجزأ أو هو المنظومة الكبرى التي تستوعب في داخلها الوعي الثقافي وتعيد إنتاجه في شكل سلوك الأفراد وتفاعلاتهم البيئية. فكل ذلك سيحدث طالما أن هنالك أخذاً ورداً عطاءً وتعاطياً، فالثقافة تنتج بواسطة المجتمع ثم تعود إليه في شكل ممارسات ومفاهيم يتبناها أفراد هذا المجتمع. هكذا نظل دائماً بين خيارين فإما أن نختار شكلاً من أشكال الوعي الاجتماعي الجاد وإما أن نتجه ناحية الوعي الاجتماعي الزائف وما أكثره في وسائلنا الإعلامية.. فماذا نختار؟ عندما نريد أن نحدِث وعياً اجتماعياً ينبغي في المقام الأول أن نحدث وعياً ثقافياً وتطهيراً للمجتمع من جميع المفاهيم القاصرة والمغلوطة والمحرفة، ولاسيما تلك التي تضرب في جذور البناء الثقافي والقيمي وتكرس لشكل من أشكال الوعي الزائف بها في المجتمع.