هذا مطلع قصيدة شهيرة لشاعر الكويت الكبير فهد العسكر، ذكرني بها مجدداً إعــــادة نشــرها كاملــــة في ملحــــق المنتدى الثقافي للزميلة ''الشرق الاوسط'' الاسبوع الفائت· سمعت لأول مرة مقاطع من هذه القصيدة مغناة بصوت الفنان شادي الخليج، فهد العسكر الذي عاش ومات غريبا في وطنه، وبين اهله الذين لم يترددوا في إحراق أشعاره بعد وفاته في العام ،1951 وقيل إنه بناء على وصية الشاعر نفسه بعد أن رماه معارضوه بمعاداة أعراف وتقاليد المجتمع· وقد كان يتكرر بث أغنية'' كفي الملام'' من خلال تلفزيون دبي بالابيض والأسود، الذي أسهمت دولة الكويت الشقيقة في انشائه، كنا نعبر من أمام تلك المحطة في موقع بدا أمامنا تلة على طريق القصيص، غير بعيد من ''ثكنات'' أقامتها بلدية دبي لعمالها وشقق لموظفيها· وهناك ايضا كان المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم قد وجه ببناء مبان سكنية بإيجارات تعد رمزية لمحدودي الدخل، وأوكل الإشراف عليها إلى مجلس الإعمار الذي قام بدوره خير قيام· وفي تلك الحقبة المبكرة من ستينيات و سبعينيات القرن الماضي كان للكويت إسهاماتها في المنطقة من خلال صندوق تنمية الخليج والجنوب العربي، وكانت مجلة''العربي'' التي تحتفل هذه الايام بيوبيلها الذهبي في أوج ألقها مع ارتباطنا الوجداني بها· كنا نتبادل نسخها وينتظر كل منا دوره لقراءاتها، كان زمناً ثراً رغم الجدب، وشح الإمكانات، قياسا بما لا يقارن من المتاح لجيل اليوم· فقد كانت مرآتنا للتعرف على الوطن الكبير· في هذه القصيدة العذبة، رغم المرارة التي تقطر منها يستوقفني دائما قول العسكر: ما راع مثل الليث يؤسر وابـن آوى في العـــرين والبلبل الغـــــريـد يهــوي والغراب على الغصون بيتان معبران عن كدر النفس البشرية والفطرة السوية عندما تتغير الأحوال و تتبدل الأدوار في الحياة، ويتسنم الأمور من هم غير أهل لها، ويختلط الحابل بالنابل، وتتدحرج دول وتنهار حضارات أمم· وكان من السلف من يعتبر ذلك المآل بداية نهاية كل أمر·