مع ارتفاع درجات الحرارة وحرائق الغابات واختفاء بعض المناطق الطبيعية ذات المناظر الجميلة إلى ذوبان الجليد، وارتفاع منسوب المياه في المحيطات، وخطر انقراض الأنواع، ينتاب الكثير من البشر الخوف من بلوغ أخطر التوقعات التي يمكن أن تحدث على الأرض، وهو موت الحياة.
لذا عندما يقرر الشباب التحرك من أجل إنقاذ الأرض، حيث خرجوا وما زالوا يخرجون في معظم أماكن العالم، مطالبين أصحاب القرار بالتوقف عن الإمعان في أذية الأرض، التوقف عن التمادي في جعل مستقبلهم ومستقبل الأجيال التي تليهم خراباً وجحيماً، التوقف عن جعل الحياة تمضي إلى النهاية.
عندما تخرج تلك الصغيرة الطالبة السويدية «غريتا تونبرغ»، 16 عاماً، من مدرستها لتقول كفى تهديداً لمستقبل جيلها كله، تلك الصغيرة التي تابع نداءها الملايين من الشباب في مختلف بقاع العالم، خاصة أولئك الذين ينتمون إلى مناطق تعاني خراباً بيئياً ملموساً.
عند ذلك يجب على من يسيّرون العالم الإنصات إليهم جيداً، وعدم أخذ مواقفهم باستهزاء وتعالٍ وعجرفة كما يفعل سيد البيت الأبيض، حيث يبدو عدم اكتراثه لمدى الضرر البيئي الذي خلفته الصناعة في مسيرة تطورها الطويلة، وهي تحصد الأموال تحت ذريعة إسعاد البشر، فيما الحقيقة هي تسلب أموال البشر لينمو رأس المال الذي أتخم حد التوحش وتهديد مستقبل الأرض ومن عليها، في ظل الجنون المستعر للإنتاج المضر للمناخ والأرض بشكل عام.
فتلك الأصوات الشابة المنادية بحماية الأرض تستدعي وقفة احترام وإجلال لهذا الوعي البيئي العالي الذي يجب على كل حكومات العالم إدراكه والعمل على تكريسه في الحياة العامة.
فأرضنا الكبرى، نجمنا الذي فيه أفراحنا وأتراحنا، فيه عبقريتنا وفيه جنوننا الجميل، وجنوننا الأخرق، فيه قصص ملهمة، فيه الحب والعشق والإيمان، فيه الضحكات العالية والدموع الكثيرة، أرضنا بحاجة منا إلى العودة إلى إنسانيتنا، إلى أن نعود كبشر نحبها كما كنا ونحنو عليها وندرك قيمة التنفس في فضائها، أن نستوعب الدرس الأول بأننا كلنا منها بأشكالنا وألواننا وأعراقنا ودياناتنا، مصيرنا فيها مهما فاض المال أو نقص، مهما اختلفنا أو اتفقنا، لذا يجب أن نكف عن التوحش، ولنقترب أكثر إليها، إلى أمنا الأرض ونعمل جميعاً، شعوباً وحكومات على استيعاب دروس الوعي البيئي، كي تبقى الحياة لكل الأجيال اللاحقة، أن تبقى الأرض مكاناً صالحاً للعيش.